موسوعة القواعد الفقهية المقارنة المسماة التجريد كتاب الطهارة

1 / 55

مسألة ١ تعريف الطهور ١ - قال الله تعالى: ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورا﴾، فالطهور عندنا: الطاهر على طريق المبالغة. ٢ - وعند الشافعي: المطهر. ٣ - والدليل على ما قلناه: وصف الله تعالى لشراب الجنة بأنه طهور، وإن لم يكن هناك ما يتطهر به. ٤ - وقال جرير: عذاب الثنايا ريقهن طهور. ٥ - ومعناه: طاهر على وجه المبالغة، ولا يجوز أن يراد به مطهر؛ لأن وصف الريق بتطهير النجاسة مما تعافه الأنفس ولا يمدح به، وقد قال أهل العربية: «إن الطهور فعول من طهر»، والاسم إذا لم يتعد فعوله مثله، كقولهم: نؤوم من نام،

1 / 57

وإن تعدى الاسم تعدى فعوله، كقتول من قتل. ٦ - واحتج المخالف بقوله ﵊ في البحر: «هو الطهور ماءه»، وإنما أراد المطهر. ٧ - والجواب عنه: أنه أراد الطاهر على طريق المبالغة، وهذا يفيد التطهير من طريق المعنى. ٨ - احتجوا بقوله ﵊: «جعل لي الأرض مسجدًا وطهورًا» وقد كانت طاهرة قبله، فعلم أنه اختص اختصها بكونها مطهرة. ٩ - والجواب: أنها جعلت في حقه على أعلى أحوال الطهارة، فلذلك طهرت. ١٠ - واحتجوا بقوله ﵊: «دباغ الأديم طهوره» والدباغ فعيل له، فلا يوصف بالطهارة، فثبت أن المراد به: تطهيره. ١١ - قلنا: معناه: دباغه سبب طهارته، كما يقال: غسل الثوب طهارته. ١٢ - قالوا: العرب فرقت بين فاعل ومفعول، فإذا كان الطهور لا يفيد التكرار فلا بد من التطهير. ١٣ - قلنا: يفيد التكرار عندنا إذا توضأ به ثم غسل به النجاسة. ثم قد بينا مزية

1 / 58

الفرق، وهو إثبات الطهارة على وجه التأكيد والمبالغة. ١٤ - قالوا: خصت العرب الماء والتراب باسم الطهور دون غيرهما لأنهما يطهران. ١٥ - قلنا: العرب لا تعرف الأحكام حتى تضع الأسماء لها، وهذا التخصيص أيضًا لا يعرف غير العرب. ١٦ - قالوا: سموا الماء طهورًا قبل وقوع الفعل به، كما سموا الطعام سحورًا قبل أن يتسحر به، فدل على أن الاسم وضع لهذا المعنى. ١٧ - قلنا: هذا إثبات اللغة بالقياس، وإثبات اللغة بالقياس لا يجوز. وقد بينا أن أهل اللغة لا تعرف الأحكام فتضع الأسماء لها، وإذا ثبت أن معنى قوله تعالى: ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورا﴾ طاهرا على المبالغة، لم يدل أن غيره لا يقع به التطهير. ولو سلمنا أن معناه: مطهرًا، لم يصح اعتبار دليله؛ لأن تعليق الحكم باسم جنس لا يدل على نفي ما عداه بالاتفاق، وإنما الخلاف في تعليقه بأحد الأوصاف.

1 / 59

مسألة ٢ إزالة النجاسة بجميع المائعات الطاهرة ١٨ - قال أبو حنيفة وأبو يوسف: يجوز إزالة النجاسة بجميع المائعات الطاهرة. ١٩ - وقال محمد: لا يجوز. وبه قال الشافعي. ٢٠ - لنا: قوله ﵊: «إنما يغسل الثوب من المني والدم والبول»، وهو عام في كل ما سمي غسلًا، ومتى ثبت عموم الغسل ثبت عموم

1 / 60