L'Expérience Féminine : Sélections de la Littérature Féminine Mondiale
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Genres
عندما ولجت شارعنا، أبصرتني مدام لوسيت، وانتابها الهلع من مشيتي المتعثرة، فجرت من حانوتها ونادتني.
سألتني وهي تقودني داخل الحانوت، الذي لم يكن به أحد لحسن الحظ: «ماذا حدث يا عزيزتي المسكينة؟» كنت قد بدأت أتمالك نفسي بعض الشيء، لكن كلماتها الشفوقة أثارت فيضا جديدا من الدموع. كنت عاجزة عن التفوه بحرف. فماذا كان بوسعي أن أخبرها؟ أغلقت الباب بسرعة وشدت رتاجه ثم قادتني إلى الغرفة الخلفية، قائلة في رقة وهي تتطلع حولها بحثا عن مكان أستلقي فيه: «بوسع الزبائن العودة في الغد!» لم يكن هناك غير كرسي مفكك الأوصال، بلا ظهر أو مسندين، ومقعد كبير من القش قرب المدفأة، حيث تستريح عادة. وعندما لم تجد مكانا غيرهما، جلست في المقعد، وأخذتني فوق ركبتيها، كأني طفلة.
واصلت البكاء عدة دقائق كما لو كان قلبي يتمزق، وأنا أفكر في تفسير لتعاستي أقدمه لها. وأخيرا، مدفوعة بشيطان ما، نهنهت في رثاء وإشفاق قائلة: «أبي له عشيقة!»
بدا كأن هذه العبارة البسيطة قد نفذت إلى قلب مدام لوسيت. والواضح أنها كانت تعتقد أن فتاة شابة مثلي من حقها أن تصدم وتحزن عندما تعلم بأمر كهذا. ولم أحاول العثور على عذر آخر.
غمغمت وهي تضمني بين ذراعيها: «يا عزيزتي المسكينة! يا طفلتي العزيزة المسكينة!» شعرت أن ما أثر في مشاعرها أكثر من أي شيء آخر هو براءتي، ففي نظرها، تكشفت كافة مباذل العالم لي عندما عرفت بالحياة المزدوجة التي يعيشها أبي، وتخيلت أن ذكرى أمي ضاعفت من حزني. حدست كل هذا من تعليقاتها.
قالت: «يا حملي الوديع! لا تبك هكذا يا ملاكي الصغير! المسكينة، البائسة، ويتيمة الأم!»
بدا لي أنها وجهت الكلمات الأخيرة إلى السماء، التي دعتها لأن تشهد تعاستي. هنا شعرت بشيء ما زلت أذكره بكل خزي. كان حزني قد خف مؤقتا، وجفت دموعي، فأدركت أنني يجب أن أعود إلى المنزل دون تأخير، لكني مضيت أنتحب دون رغبة حقيقية، لمجرد أن أستدر مزيدا من شفقة مدام لوسيت.
قلت: «وأمي المسكينة كانت طيبة للغاية. كيف يستطيع نسيانها؟ إن هذا يشعرني أني يتيمة حقا!»
حصدت ما سعيت إليه: فقد اغرورقت عيون المرأة الفاتنة، وإذا بها تنهض واقفة، وقد تذكرت فجأة أني في السادسة عشرة، ولا يجوز احتضاني هكذا بين ذراعيها. لكنها جذبتني من جديد إلى كتفها، ومزجت دموعها بدموعي، وهي تحاول التسرية عني.
ساعدني هذا على أن أنسى تامارا تماما لبرهة. ففي الغرفة الخلفية الصغيرة المعتمة، إلى جوار النار المتأججة، ووسط الروائح النظيفة المحببة للورق والأقلام والصلصال، بينما التصقت بكل قوتي بهذا الشخص الجميل الحساس الذي كان يحاول إعادتي إلى صوابي، مسترخية تماما بصورة ممتعة بعد الانفجار العنيف لدموعي، شعرت بالسعادة التامة، ولم تساورني غير أمنية واحدة: أن أطيل أمد هذه اللحظة. ويعلم الله كم من الأمور البشعة كان بوسعي اختلاقها من أجل ذلك، ضد أبي المسكين. لكنني لم أكن بحاجة إلى ذلك. فقد ألفت مدام لوسيت، منذ هجرها خطيبها في الثانية والعشرين من عمرها، أن تتحدث عن كافة الرجال باعتبارهم أوغادا أنذالا. هكذا مضت توجه اللوم إلى أبي، قائلة إنه من العار أن يتركني وحيدة ليجري خلف النساء، ونصحتني بأن أتوسل بالشجاعة، وأتقبل كل شيء، وأكدت لي أن أبي، عندما يتقدم به العمر، سيكتشف أني الشخص الوحيد الذي أحبه وبقي على وفائه.
Page inconnue