ازداد الوخز السقيم لرائحة الأفسنتين المنبعثة من كأس جيمي بغزارة كشجيرة ورد في خدعة سحرية. ارتشفه مجعدا أنفه. قال: «بصفتي أميل إلى النزعة الأخلاقية، أعترض. مرحى، إنه مذهل.» «ما أريده هو الويسكي والصودا لإعداد تلك الكوكتيلات.» «سأشاهدك. أنا رجل عامل. يجب أن أكون قادرا على التمييز بين الأخبار المناسبة وغير المناسبة ... يا إلهي، لا أريد الشروع في الكلام عن ذلك الأمر. الأمر برمته في غاية السخافة ... سأقول إن هذا الكوكتيل يدهشك حقا.» «لست بحاجة للتفكير في فعل أي شيء آخر بعد ظهيرة هذا اليوم غير الشراب. هناك شخص أريد أن أعرفك به.» «وأنا سأعتدل في جلستي وأكتب مقالا.» «ما هذا؟» «أوه، شيء تافه يسمى اعترافات صحفي شاب.» «اسمع، هل اليوم هو الخميس؟» «نعم.» «إذن أعلم أين ستكون.»
قال جيمي متجهما: «سأغادر كل ذلك في أسرع وقت وأذهب إلى المكسيك وأصنع ثروة ... إنني أخسر أفضل سنوات حياتي متعفنا في نيويورك.» «كيف ستصنع ثروتك؟» «البترول، الذهب، قطع الطرق، أي شيء إلا العمل في الصحافة.» «با، با، الخروف الأسود، با، با.» «توقف عن هذا الغناء.» «هيا نخرج من هنا ونأخذ دينجو لتثبيت خافض صوتها.»
نهض جيمي منتظرا عند باب المرأب الذي ينبعث منه الدخان الكثيف. تتلوى أشعة شمس بعد الظهيرة المعبأة بذرات الغبار كديدان لامعة وحارة فوق وجهه ويديه. ومضت الحجارة البنية، والطوب الأحمر، والأسفلت بأحرف اللافتات الحمراء والخضراء، ودارت قصاصات الورق في المزراب في غشاوة بطيئة حوله. كان اثنان من منظفي السيارات يتحدثان خلفه: «أجل، كنت أكسب جيدا حتى ذهبت وراء تلك المرأة الحقيرة.» «إنها بالفعل جميلة يا تشارلي. يجب أن أقلق ... لم يحدث تغيير بعد الأسبوع الأول.»
أتى ستان خلفه وسحبه إلى الشارع من كتفيه. «لن تصلح السيارة قبل الساعة الخامسة. دعنا نأخذ سيارة أجرة ... فندق لافاييت» هكذا صاح في السائق وصفع جيمي على ركبته. «حسنا يا هيرف، أيها الرجل الهرم، أتعلم ما قاله حاكم كارولاينا الشمالية لحاكم كارولاينا الجنوبية؟» «لا .» «الوقت طويل بين جرعات الشراب.»
كان ستان ينعق بصوت منخفض وهما يندفعان إلى المقهى : «با، با.» ثم صاح ضاحكا: «إيلي هنا الخراف السوداء.» تجمد وجهه متيبسا فجأة. كان يجلس إلى الطاولة أمام إلين زوجها، رافعا أحد حاجبيه عاليا للغاية والآخر يكاد يلتحم مع رموشه. وضع إبريق شاي بصفاقة بينهما.
قالت بهدوء: «مرحبا يا ستان، اجلس.» ثم واصلت الابتسام لوجه أوجليثورب. «أليس هذا رائعا يا جوجو؟»
قال ستان بصوت أجش: «هذا السيد هيرف يا إيلي.» «أوه، أنا سعيدة للغاية بمقابلتك. سمعت عنك كثيرا في منزل السيدة ساندرلاند.»
لاذوا بالصمت. كان أوجليثورب ينقر على الطاولة بملعقته. وقال بنبرة مصطنعة مفاجئة: «عجبا، كيف حالك يا سيد هيرف؟ ألا تتذكر كيف تقابلنا؟» «بالمناسبة، كيف هي الأحوال في المنزل يا جوجو؟» «ممتازة تماما، شكرا لك. كاساندرا تركها عشيقها ووقعت أكثر فضيحة مروعة لذلك الكائن المسمى كوستيلو. يبدو أنها رجعت إلى المنزل في تلك الليلة ثملة تماما، يا عزيزتي، وحاولت أن تصطحب سائق سيارة الأجرة معها إلى غرفتها، وظل الولد المسكين يعترض قائلا إن كل ما يريده هو أجرته ... كان الأمر مروعا.»
نهض ستان واقفا على قدميه بحزم وغادر.
لاذ الثلاثة بالصمت في جلستهم. حاول جيمي تجنب التحرك بعصبية في كرسيه. كان على وشك النهوض، غير أن شيئا ناعما ومخمليا في عينيها قد منعه.
Page inconnue