يباع الآيس كريم في متجر العم جيف، وهو ذو مذاق خوخي حلو وبارد في سقف الفم. من العجيب أنك بعد مغادرة السفينة لا يزال بإمكانك الشعور بحركتها. تذوب قطع الغسق الزرقاء في شوارع شمال المدينة المربعة. تفيض الصواريخ براقة في الغسق الأزرق، وتتساقط الكرات الملونة، وألعاب بنجال النارية، ويضيف زوج الخالة جيف دولاب نار على الشجرة خارج باب المنزل ويوقده بسيجاره. أما الشموع الرومانية، فعليك حملها. «انتبه وأدر وجهك أيها الصبي.» ارتطام ساخن ودمدمة في يديك، وكرات على شكل بيض تتصاعد، حمراء، وصفراء، وخضراء، ورائحة البارود والأوراق الموقعة. في الشارع المضطرم الجياش يجلجل جرس، يجلجل أقرب، ويجلجل أسرع. تضرب حوافر الخيول المجلودة الأرض فتقدح شرارات، وتمر سيارة إطفاء مدوية، مستديرة عند الناصية حمراء، ومصدرة دخانا، ونحاسية. «لا بد أن الحريق في برودواي.» تمر بعدها الشاحنة ذات الخطاف والسلم وخيول رئيس الإطفاء السريعة الخطوات. يليها طنطنة سيارة إسعاف. «نال شخص جزاءه.»
الصندوق فارغ، يدخل تحت أظافرك مسحوق رملي ونشارة، وعندما تتحسسه تجده فارغا، كلا بل ما زالت تمر بعض سيارات الإطفاء الخشبية الصغيرة. سيارات إطفاء حقيقية. «يجب تحريكها يا زوج الخالة جيف. أوه، إنها الأفضل يا زوج الخالة جيف.» وضعوا بها المفرقعات وانطلقوا بأزيز سريعا على أسفلت الشارع الأملس، مدفوعين بأذناب مشتعلة ذات ريش براقة، تاركة دخانا خلف بعض سيارات الإطفاء الحقيقية.
اندس في السرير في غرفة طويلة ومقبضة، بعينين ساخنتين وساقين يؤلمان. قالت الأم عندما دسته في السرير، منحنية فوقه بفستان حريري لامع ذي كمين متدليين: «إنها آلام النمو يا عزيزي.» «ما هذه الرقعة السوداء الصغيرة على وجهك يا أمي ؟»
ضحكت وأصدرت قلادتها طنينا خفيفا، قائلة: «تلك لتجعلني أبدو أجمل.»
استلقى هناك محاطا بخزانات ملابس طويلة. أتى من الخارج صوت العجلات والزعيق، وصوت فرقة موسيقية من بعيد من حين لآخر. آلمته ساقاه كما لو كانتا ستسقطان عنه، وعندما أغلق عينيه كان يسرع عبر ظلمة تتسع تدريجيا على سيارة إطفاء حمراء تقذف بالنيران والشرار والكرات الملونة من ذيلها المؤزز. •••
اخترقت شمس يوليو الفتحات في الستائر البالية على نوافذ المكتب. جلس جاس ماك نيل في مقعد موريس وعكازاه بين ركبتيه. كان وجهه أبيض ومنتفخا من جراء الشهور التي قضاها في المستشفى. كانت نيللي ترتدي قبعة قشية عليها زهور خشخاش حمراء، وكانت تؤرجح نفسها جيئة وذهابا على الكرسي المتحرك عند المكتب. «الأفضل أن تأتي وتجلسي بجواري يا نيللي. فذلك المحامي قد لا يعجبه أن يجدك تجلسين إلى مكتبه.»
جعدت أنفها لأعلى ونهضت واقفة. «أؤكد لك يا جاس أنك خائف حد الموت.» «كنت ستخافين أنت أيضا لو كنت قد خضت ما خضته مع طبيب السكة الحديدية الذي أخذ يطعن في ويحدق في كما لو كنت سجينا، والطبيب اليهودي الذي أحضره المحامي وقال لي إنني أصبحت معاقا تماما. يا إلهي، أنا متعب للغاية. ولكني أظن أنه كان يكذب.» «افعل ما قلته لك يا جاس. أبق فمك مغلقا واترك الرجال الآخرين يتحدثون.» «بالتأكيد لن أنبس ببنت شفة.»
وقفت نيللي خلف كرسيه وبدأت تدلك شعره المجعد للخلف بعيدا عن جبهته. «سيكون من الرائع العودة للمنزل يا نيللي، حيث أطباقك الشهية وما شابه.» وضع ذراعه حول خصرها وجذبها إليه. «ربما لن يتعين علي أن أطهو أو أن أقوم بأي من تلك الأعمال فيما بعد.» «أظن أنني لا يعجبني الأمر ... يا إلهي، لا أدري كيف سنعيش إن لم نحصل على ذلك المال.» «أوه، سيساعدنا أبي كما كان يفعل.» «أرجو من الرب ألا أظل مريضا طوال حياتي.»
دخل جورج بالدوين صافعا الباب الزجاجي خلفه. وقف ناظرا إلى الرجل وزوجته لبرهة ويداه في جيبيه. ثم قال بابتسامة هادئة: «حسنا ، لقد أنجز الأمر يا سادة. بمجرد توقيع التنازل عن أي دعاوى أخرى، سيسلمني محامي السكة الحديدية شيكا بقيمة 12500 دولار أمريكي. ذلك هو ما اتفقنا عليه أخيرا.»
قال جاس لاهثا: «12 ألف دولار أمريكي. 12500. انتظر قليلا ... أمسك بعكازي حتى أخرج وأدهس مرة أخرى ... انتظر حتى أخبر ماك جلليكادي بالأمر. سيلقي الهرم بنفسه أمام قطار» ... تماسك جاس، وأردف: «حسنا يا سيد بالدوين إنك رجل عظيم ... أليس كذلك يا نيللي؟» «هو كذلك بالتأكيد.»
Page inconnue