ثم بانفعال قاهر: كنت أحبها .. كنت أفكر كثيرا في طلب يدها. - أولم تفعل شيئا في سبيل ذلك؟ - كلا .. لم أكن اتخذت قرارا بعد. - ووقعت الواقعة وأنت نائم؟ (أطرق في خزي أليم.)
والآخر .. أعني القاتل .. أليس لديك فكرة عنه؟ - كلا. - ألم تسمع عن علاقة لها بآخر؟ - كلا. - ألم تر أحدا يحوم حولها؟ - كلا. - هل لديك أقوال أخرى؟ - كلا.
ما زالت السماء محجوبة وراء سقيفة السحاب الجامد، وتساقط رذاذ دقيقة واحدة ثم انقطع. هام على وجهه طويلا.
انقضى النهار وهو يهيم على وجهه، كأنما يداوي أزمته الطاحنة بالحركة المرهقة، وصادفه مدرس التاريخ أمام الحديقة اليابانية، هز يده مصافحا وهو يقول: تعال نجلس سويا، بي رغبة في الحديث.
فقال بفتور: من غير مؤاخذة، لا رغبة لي في الأحاديث الميتافيزيقية.
مط الرجل بوزه آسفا، وتساءل: أحق ما يقولون من أن المولدة قتلت أمامك وأنت نائم؟
فسأله غاضبا: من أدراك بذلك؟
أجاب بنبرة المعتذر: سمعت به عند الحلاق! - أمن العجب أن ينعس إنسان متعب؟ وما ذنبه إذا قامت القيامة في أثناء ذلك؟
ضحك الزميل وقال ملاطفا: لا تغضب، ولكني لم أكن أعلم بالعلاقة بينك وبين المولدة. - أي علاقة؟! أنت مجنون؟! - أعتذر .. أعتذر .. هذا ما سمعتهم يقولونه في دكان الحلاق.
مضى في سبيله الذي لا هدف له، اللعنة، ستنتفخ الشائعات كالمناطيد. ولن ترد قوة الجميلة اليانعة إلى الحياة، حسرة لا دواء لها. واستغاثتها اليائسة ارتطمت بجدار النوم، ولكنها نفذت بطرق سحرية إلى آذان الضاحية. أيتها التعيسة، إني أتعس منك. وقال له بائع السجائر وهو يعطيه العلبة: لا بأس عليك يا أستاذ، البقية في حياتك.
Page inconnue