تحصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري
تحصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Numéro d'édition
السنة (٣٥) العدد (١٢١) ١٤٢٤هـ
Genres
المقدّمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى تركنا على المحجة البيضاء ليلها ونهارها سواء، لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن الحرب بين الإسلام وأعدائه لم تضع أوزارها بعد، وإنما الحق أن أعداء الإسلام يضعون لحربه كل يوم وسيلة، ويحشدون للوقوف في وجهه كل يوم قوة، وليس خطر الغزو الفكري بأقل من خطر السلاح في المعركة التي يشنها أعداء الإسلام وأهله.
إنهم الآن يشنون حربًا ضروسًا هي أشد وأقسى على المسلمين من حرب السلاح، إنهم يشنون حربًا ضد القرآن والسنة، وضد شخص الرسول ﷺ، وضد منهج الإسلام وتاريخه، وضد رجاله ولغة قرآنه، إنهم يحاربون المسلمين في عقيدتهم، وأخلاقهم، ومبادئهم، وأزيائهم، وعاداتهم، وبالجملة فهناك مخططات ضخمة إلى نقل الفكر البشري من مجال أصالة الفطرة، وطريق التوحيد، وطابع الإيمان بالله تعالى، ومنطق العقل السليم إلى الوثنية والإلحاد، والإباحية، وتفسخ الأخلاق، والعادات السيئة، والمبادئ الفاسدة. وهي دعوات تستمد أصولها من مخططات التلمود، وبروتوكولات حكماء صهيون، ووقف اليهود والنصارى والشيوعيون يؤيد بعضهم بعضًا في حرب الإسلام والمسلمين.
1 / 329
وإنه لشدة شراسة هجوم الغزو الفكري على الأمة الإسلامية في العصر الحديث، ولاختراقه لبعض صفوفها، في التقليد والمحاكاة، وما أحدثه هذا الغزو من تفكك وتمزق بين صفوفها.
ونظرًا لهذه الأهمية التي أشرت إليها فقد شجعني ما اطلعت عليه من قرار "مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم ٧١ /٧/٧ المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من ٧ إلى ١٢ ذو القعدة ١٤١٢هـ، الموافق ١٤ مايو ١٩٩٢م، حيث ورد في القرار "إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي ... بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع "الغزو الفكري" والتي بينت بداية هذا الغزو وخطورته وأبعاده، وما حققه من نتائج في بلاد العرب والمسلمين، واستعرضت صورًا مما أثار من شبه ومطاعن، ونفذ من مخطط وممارسات، استهدفت زعزعة المجتمع المسلم، ووقف انتشار الدعوة الإسلامية، كما بينت هذه البحوث الدور الذي قام به الإسلام في حفظ الأمة وثباتها في وجه الغزو، وكيف أحبط كثيرًا من خططه ومؤامراته.
وقد اهتمت هذه البحوث ببيان سبل مواجهة هذا الغزو وحماية الأمة من آثاره في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة، ثم أوصى المجلس بعدة توصيات لمقاومة الغزو الفكري، ثم ختم قراره بما يلي:
"كما يوصي المجلس أيضًا الأمانة العامة للمجمع باستمرار الاهتمام بطرح أهم قضايا هذا الموضوع في لقاءات المجمع وندواته القادمة، نظرًا لأهمية موضوع الغزو الفكري، وضرورة وضع استراتيجية متكاملة لمجابهة مظاهره ومستجداته"١.
_________
١نقلًا عن مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، السنة الرابعة، العدد الخامس عشر، عام ١٤١٣؟، ٢٠٨، أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة، د. عبد الله الجربوع، ص٦-٧.
1 / 330
هذا ونظرًا لكوني قد قمت بتدريس مادة (الغزو الفكري" لطلاب السنة الرابعة من كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، فقد حاولت جمع وصياغة ما يتعلق بمواجهة الغزو الفكري، وسميته:
"تحصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري"، وذلك تقديرًا لحاجة المسلمين، وإسهامًا مني في محاربة هذا الغزو البغيض.
خطة البحث
وقد جعلت البحث في مقدمة وفصلين وخاتمة.
وقد اشتملت المقدمة على أهمية الموضوع، وسبب الاختيار، والخطة، ومنهجي في البحث.
ثم تمهيد عن الصراع بين الحق والباطل.
وأما الفصل الأول: فعن مفهوم الغزو الفكري، وأهدافه، ووسائله.
وقد اشتمل على سبعة مباحث:
المبحث الأول: تعريف الغزو الفكري في اللغة والاصطلاح.
المبحث الثاني: أهمية دراسته.
المبحث الثالث: مظاهره واتجاهاته.
المبحث الرابع: أنواعه.
المبحث الخامس: أهدافه.
المبحث السادس: أساليبه ووسائله.
المبحث السابع: آثاره.
وأما الفصل الثاني: فعن طرق تحصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري، ويشتمل على عشرة مباحث:
1 / 331
المبحث الأول: ضرورة التمسك بالعقيدة الصحيحة ونشرها في المجتمعات الإسلامية.
المبحث الثاني: أثر الإيمان والتقوى في تحصين المجتمع المسلم.
١) أثر الإيمان في تحصين المجتمع المسلم.
٢) أثر التقوى في تحصين المجتمع المسلم.
المبحث الثالث: أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تحصين المجتمع المسلم.
المبحث الرابع: دور المنزل والمدرسة والمسجد والمجتمع في التوجيه والدعوة إلى الله تعالى.
المبحث الخامس: دور وسائل الإعلام والإنترنت.
المبحث السادس: إقامة الندوات والمحاضرات والدروس والمؤتمرات المفيدة.
المبحث السابع: أهمية المحافظة على الوحدة العقدية.
المبحث الثامن: الاهتمام بإصلاح المرأة المسلمة.
المبحث التاسع:. الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي.
المبحث العاشر: ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية، وإقامة الحدود.
وأما الخاتمة فقد أوجزت فيها أهم النتائج والتوصيات.
منهج البحث:
عزوت الآيات الكريمة إلى السور.
خرجت الأحاديث مبينًا الجزء والصفحة، فالكتاب والباب، ورقم الحديث، وإذا لم يكن الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإني أحاول ذكر درجته معتمدًا على الكتب التي تعتني بذلك.
1 / 332
شرحت معاني الكلمات الغريبة في نظري، وكذلك أهم الفرق والمذاهب التي وردت في البحث.
عزوت ما تناولته في البحث إلى المصادر والمراجع التي رجعت إليها في هذا الشأن مبينًا الكتاب والصفحة، فالمؤلف.
وقد توخيت في ذلك السهولة، وإيضاح النقاط التي تناولتها بإيجاز، غير مخل ما أمكن.
ثم ألحقت بهذا فهرسًا للمصادر والمراجع مرتبة حسب حروف الهجاء، وآخر للموضوعات.
ولا أدعي أن هذا البحث قد حوى الغاية، وإنما هو محاولة مني في المشاركة في البحث والدعوة إلى تعالى على قدر الجهد والطاقة، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وأرجو ممن وقف على شئ في هذا البحث أن يبادرني النصيحة، واسأل الله تعالى أن يتقبل مني هذا الجهد، وأن يجعله عملًا نافعًا للإسلام والمسلمين، ولوجهه خالصًا، ولا يجعل فيه لأحد شيئًا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 / 333
تمهيد: عن الصراع بين الحق والباطل
الصراع بين الحق والباطل قديم قدم البشرية، وسنة من سنن الله في الحياة، ولقد كان العالم قبل الإسلام يموج بدعوات وتيارات فكرية هدامة، ولما بُعث النبي ﷺ بالإسلام وفيه البيان الشافي لكل ما يحتاجه البشر لتحقيق وظيفتهم على الأرض، وهي عبودية الله تعالى، وتحصيل أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، فكانت رسالة نبينا محمد ﷺ رحمة من الله للناس لتخليصهم من تلك الجاهليات التي جثت على قلوبهم ولوثت أفكارهم دهرًا طويلًا، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ ١.
ولم ينتقل النبي ﷺ إلى جوار ربه إلا وقد تحول الإسلام بكل ما فيه من عقائد وتعاليم وأخلاق إلى واقع حي، تظهر مظاهره وثماره في الأفكار والقلوب والسلوك، وبعد عهد النبي ﷺ، رسخ الخلفاء الراشدون هذا الواقع ووسعوا دائرته بالفتوحات الإسلامية، سعيًا لتخليص البشر من الجاهليات وما نتج عنها من ظلم وشقاء، وما هي إلا سنوات قليلة حتى دخل كثير من الناس في دين الله أفواجًا فحلَّ الأمن والعدل مكان الخوف والظلم، ونتج عن ذلك أعظم حضارة عرفتها البشرية.
إلا أن الانتصار السريع في المجال العسكري لم يكن نهائيًا فقد كان أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمجوس والمشركين ومن يتعاون معهم من المنافقين وغيرهم، يخططون لجولة ثانية من الحرب اتخذت من الفكر ميدانًا لها بعد أن أدرك قادتها قوة تأثير الأفكار على السلوك، وأن الحرب الفكرية هي
_________
١ سورة الأنبياء، الآية ١٠٧.
1 / 334
السبيل الوحيد المتاح لها في ذلك الوقت لمقاومة الإسلام، وتفريق أهله وإضلالهم.
ولقد اختار الله هذه الأمة لحمل راية الإسلام، والوقوف في وجه الباطل، ودحض الشبهات، وكشف الزيوف.
ولا ريب أن الإسلام بمفهومه الصحيح، مازال وسيظل –بإذن الله – صامدًا أمام الأحداث، ومواجهًا لكل الأفكار الباطلة، والمذاهب المنحرفة، حتى يتضح وجه الحق، ويكشف زيف الباطل، وهذه الدعوات – المعادية للإسلام- إنما وجدت طريقها حين حُرِّف الدين في بيئات الغرب، وحين فُصل بين الدين والحياة، وضاعت مفاهيم الالتزام الأخلاقي.
وقد فات الذين طرحوا هذه المذاهب والأفكار في البيئات الإسلامية أن هذه المذاهب إنما نشأت في بيئات خاصة بها، ومن خلال تحديات مختلفة ... وأن العقيدة الإسلامية لها منزلتها وقيمتها الأصيلة، التي تعارض فصل الدين عن الحياة، والتي تنكر أن يكون الإنسان مادة فقط، والتي تفرق بين شريعة الله وقوانين البشر، وتنكر الوساطة بين الله تعالى وخلقه، أو إطلاق الحرية من جميع ضوابها، أو معارضة عالم الغيب والبعث والجزاء، وترى أن هذا كله إنما يراد بالبشرية لتحطيم الجدار القوي الذي تستند إليه في علاقتها بالله تعالى، ومن ثم السقوط في أحضان استعباد البشر، والعبودية للمخططات التلمودية المتطلعة إلى السيطرة على العالم الإسلامي بعد تحطيم قيمه، وأخلاقه ومقدراته، وتلك أخطر المخططات التي تجتاح البشرية اليوم، والتي طرحت في السنوات الأخيرة أنواعًا من الدعوات والمذاهب والفلسفات المضللة، بالأساليب والوسائل الساقطة، وكلها تقصد الإسلام، فهو القوة الوحيدة التي تستطيع أن تصمد في وجه
1 / 335
الإلحاد والمادية والوثنية، والإباحية، وغيرها من المذاهب الباطلة، والمسلمون مطالبون دائمًا بإقامة دينهم، واليقظة تجاه أعدائهم، والتصدي لكل القوى التي تحاول أن تفت في عضدهم، أو تفسد مقوماتهم، أو تحطم معنوياتهم ١.
_________
١ انظر في هذا: صراع بين الحق والباطل، لسعد صدق محمد، والصراع بين الحق والباطل د. إبراهيم بن محمد أبو عباة، وأثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية، لعبد الله الجربوع، ٥٩ وما بعدها.
1 / 336
الفصل الأول: مفهوم الغزو الفكري وأهدافه ووسائله
المبحث الأول: تعريف الغزو الفكري في اللغة والاصطلاح
تعريف الغزو الفكري لغة:
الغزو الفكري مصطلح مركب من كلمتين هما:
١-الغزو: يقال: غزاه غزوًا: أراده وطلبه وقصده ١.
وغزا العدو غزوًا وغزوانًا أي سار إلى قتالهم وانتهابهم في ديارهم. ويقال عرفت ما يغزى من هذا الكلام أي ما يُراد، وأغزاه جهزه للغزو٢.
يتبين من هذا أن معنى الغزو في اللغة: قصد الشئ وإرادته وطلبه.
٢-الفكري: الفكر إعمال النظر أو إعمال الخاطر في الشيء، والتفكر التأمل٣. والفكر: إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول، ويقال: في الأمر فكر أي نظر وروية، وجمعه أفكار٤.
والفكر: تردد القلب بالنظر والتدبر لطلب المعاني، ولي في الأمر فكر أي نظر وروية٥. وفكر في الشيء أي أعمل الفكر فيه ليتوصل إلى حله أو إدراكه٦.
_________
١ القاموس المحيط، للفيروزآبادي، ٤/ ٣٦٩.
٢ المعجم الوسيط، ٢/ ٦٥٢، والقاموس العربي الشامل، ٤١٥.
٣ اللسان لابن منظور، ٥/٦٥، والقاموس المحيط، ٢/ ١١١.
٤ المعجم الوسيط، ٢/ ٦٩٨.
٥ المصباح المنير، لأحمد الفيومي، ١٨٢.
٦ القاموس العربي الشامل، ٤٣٩.
1 / 337
ومن هذا يتبين لنا أن معنى الغزو الفكري لغة: قصد الشئ وإرادته وطلبه مع تردد القلب وإعمال النظر بروية.
تعريف الغزو الفكري اصطلاحًا: عرف الباحثون الغزو الفكري بعدة تعريفات نختار منها ما يلي: ١- (الغزو الفكري: هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة) ١. ٢- (هو أن تتبنى أمة من الأمم - وبخاصة الأمة الإسلامية - معتقدات وأفكار الأمة الأخرى من الأمم الكبيرة - وهي غير إسلامية دائمًا - دون نظر فاحص وتأمل دقيق لما يترتب على ذلك التبني من ضياع لحاضر الأمة الإسلامية في أي قطر من أقطارها وتبديد لمستقبلها، فضلًا عما فيه من صرفها عن منهجها وكتابها، وسنة رسولها، وما يترتب على هذا الصرف من ضياع أي ضياع ...) ٢. ٣- (الغزو الفكري: هو أن تتخذ أمة من الأمم مناهج التربية والتعليم لدولة من هذه الدول الكبيرة، فتطبقها على أبنائها وأجيالها، فتشوه بذلك فكرهم وتمسخ عقولهم، وتخرج بهم إلى الحياة، وقد أجادوا بتطبيق هذه المناهج عليهم شيئًا واحدًا هو تبعيتهم لأصحاب تلك المناهج الغازية أولًا، ثم يلبس الأمر عليهم بعد ذلك فيحسبون أنهم بذلك على الصواب، ثم يجادلون عما حسبوه صوابًا، ويدعون إليه) ٣. _________ ١ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، للعلامة الشيخ عبد العزيز بن باز (يرحمه الله): ٣/ ٤٣٨. ٢ الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. علي محمود، ٨-٩. ٣ المرجع السابق، ٩.
تعريف الغزو الفكري اصطلاحًا: عرف الباحثون الغزو الفكري بعدة تعريفات نختار منها ما يلي: ١- (الغزو الفكري: هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة) ١. ٢- (هو أن تتبنى أمة من الأمم - وبخاصة الأمة الإسلامية - معتقدات وأفكار الأمة الأخرى من الأمم الكبيرة - وهي غير إسلامية دائمًا - دون نظر فاحص وتأمل دقيق لما يترتب على ذلك التبني من ضياع لحاضر الأمة الإسلامية في أي قطر من أقطارها وتبديد لمستقبلها، فضلًا عما فيه من صرفها عن منهجها وكتابها، وسنة رسولها، وما يترتب على هذا الصرف من ضياع أي ضياع ...) ٢. ٣- (الغزو الفكري: هو أن تتخذ أمة من الأمم مناهج التربية والتعليم لدولة من هذه الدول الكبيرة، فتطبقها على أبنائها وأجيالها، فتشوه بذلك فكرهم وتمسخ عقولهم، وتخرج بهم إلى الحياة، وقد أجادوا بتطبيق هذه المناهج عليهم شيئًا واحدًا هو تبعيتهم لأصحاب تلك المناهج الغازية أولًا، ثم يلبس الأمر عليهم بعد ذلك فيحسبون أنهم بذلك على الصواب، ثم يجادلون عما حسبوه صوابًا، ويدعون إليه) ٣. _________ ١ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، للعلامة الشيخ عبد العزيز بن باز (يرحمه الله): ٣/ ٤٣٨. ٢ الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. علي محمود، ٨-٩. ٣ المرجع السابق، ٩.
1 / 338
٤- (الغزو الفكري: يعني هجمات فكرية متلاحقة ذات صلة بتاريخ المسلمين وحاضرهم، تطرح شبهات وأفكارًا مزيفة مستوعبة تراث الإسلام، وأحوال المسلمين، وقد انطلقت من البلاد الأجنبية شرقية أو غربية على يد المنصرين وأقلام المستشرقين١ بعيدة عن العمل العسكري المسلح) ٢.
٥- (يقصد بالغزو الفكري الوسائل غير العسكرية التي اتخذها أعداء الإسلام لإزالة مظاهر الحياة الإسلامية وصرف المسلمين عن التمسك بالإسلام، مما يتعلق بالعقيدة وما يتصل بها من أفكار وتقاليد وأنماط وسلوك)
٦- (الغزو الفكري واحد من شعب الجهد البشري المبذول ضد عدو ما لكسب معارك الحياة منه، ولتذليل قياده وتحويل مساره، وضمان استمرار هذا التحول حتى يصبح ذاتيًا إذا أمكن، وهذا هو أقسى مراحل الغزو الفكري بالنسبة للمغلوب، وإن كان في نفس الوقت هو أقصى درجات نجاح الغزاة) ٤.
وبعد إيراد هذه التعريفات نستطيع القول بأن الغزو الفكري بوجه عام هو مجموعة الجهود التي تتخذها أمة من الأمم ضد أمة أخرى بهدف التأثير عليها لتوجيهها إلى وجهة معينة.
وهو بوجه خاص: مجموعة الجهود التي اتخذها أعداء الإسلام ضد الأمة
_________
١ الاستشراق هو: ذلك التيار الفكري الذي تمثل في الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي، والتي شملت حضارته وأديانه وآدابه ولغاته وثقافته، وقد أسهم هذا التيار في صياغة التصورات الغربية عن العالم الإسلامي، معبرًا عن الخلفية الفكرية للصراع الحضاري بينهما. انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ٣٣.
٢ في الغزو الفكري، نذير حمدان، ٦-٧.
٣ انظر واقعنا المعاصر، محمد قطب، ١٩٥.
٤ الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، عبد الستار فتح الله، ٢١.
1 / 339
الإسلامية بقصد التأثير عليها في جميع الميادين التعليمية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية،.. باستخدام الوسائل والأساليب التي يراها مناسبة من أجل صرف المسلمين عن التمسك بعقيدتهم، وأخلاقهم، وسيرسلف الأمة الصالح.
والدافع إلى استخدام الغزو الفكري في الحروب الصليبية المعاصرة هو الحصيلة المرة التي خرج بها الصليبيون من حروبهم الأولى مع المسلمين في القرنين الخامس والسادس الهجريين، (الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين)، والتي انتهت بالهزيمة الساحقة وعدم تحقيق شئ مما خرج الصليبيون من بلادهم لتحقيقه وبذلوا فيه الأموال والدماء والنفوس.
وفي تلك الحروب الأولى وقع لويس التاسع ملك فرنسا١ في الأسر بعد هزيمة حملته الصليبية، وبقي سجينًا في المنصورة فترة من الوقت حتى افتداه قومه وفُك أسره.
وفي أثناء سجنه أخذ يتفكر فيما حل به وبقومه، ثم عاد يقول لقومه: (إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده - فقد هُزمتم أمامهم في معركة السلاح - ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي مكمن القوة فيهم) ٢.
_________
١ لويس التاسع ملك فرنسا من سنة ١٢٢٦م-١٢٧٠م قاد الحملة الصليبية السابعة عام ١٢٤٩م، التي توجهت إلى مصر والتي باءت بالفشل، وأُسر فيها لويس، وسُجن في المنصورة بمصر، وأٌطلق سراحه بفدية كبيرة، ثم قاد في آخر حكمه حملة أخرى سنة ١٢٧٠م، توجهت إلى تونس حيث فشلت أيضًا ومات فيها لويس. انظر أوربا العصور الوسطى، التاريخ السياسي، د. سعيد عبد الفتاح عاشور، ١/٢٦٠-٢٦٥، مكتبة الانجلو المصرية، مصر، ط السادسة، ١٩٧٥م.
٢ واقعنا المعاصر / محمد قطب، ١٩٦.
1 / 340
ويرجع كثير من الباحثين أنَّ ملك فرنسا لويس التاسع - المذكور - وضع خيوط المؤامرة الفكرية الجديدة على الإسلام، ولخصها في الأمور التالية ١:
١- تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبية سلمية تستهدف ذات الغرض، لا فرق بين الحملتين إلا من حيث نوع السلاح الذي يُستخدم في المعركة.
٢- تجنيد المبشرين٢ الغربيين في معركة سلمية لمحاربة الإسلام ووقف إنتشاره، ثم القضاء عليه معنويًا، واعتبار هؤلاء المبشرين جنودًا للغرب.
٣- العمل على استخدام مسيحي الشرق في تنفيذ سياسة الغرب.
٤- العمل على إنشاء قاعدة للغرب في قلب الشرق الإسلامي يتخذها الغرب نقطة ارتكاز لقواته الحربية، ولدعوته السياسية والدينية، وقد اقترح لويس لهذه القاعدة الأماكن الساحلية في لبنان وفلسطين٣.
_________
١ انظر في هذا معركة المصحف لمحمد الغزالي، ص ١٦٢، واحذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام، د. سعد الدين السيد صالح، ص٣٧-٣٨، وأساليب الغزو الفكري الحديث، لعلي جريشة، ومحمد الزيبق، ص١٩. وأثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة، للشيخ عبد الله الجربوع، ص ١١١-١١٢.
٢ مفهوم التبشير المزعوم هو الدعوة إلى النصرانية، إلا أنه في الحقيقة يتقنع بالدين، والأعمال الخيرية لتحقيق الغرض الحقيقي، وهو زعزعة عقائد غير النصارى عامة، والمسلمين خاصة، ثم تهيئتهم بشتى الوسائل لقبول النفوذ الغربي، والاستكانة للاستعمار وبسط السيطرة الغربية عليهم ثقافيًا، ودينيًا، وسياسيًا. انظر التبشير والاستعمار في البلاد العربية، د. مصطفى خالدي، د. عمر فروخ، ٥، واحذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام، ٣٩.
٣ انظر أساليب الغزو الفكري د/ علي جريشة ومحمد الزيبن، ١٩، واحذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام، د/ سعد الدين السيد صالح، ٣٧-٣٨.
1 / 341
ولعل هذا الذي ذكره الباحثون من التوقعات أو بغير الأسلوب الأصلي.
وقد سار الأوربيون بالفعل في طريق تنفيذ وصية لويس حيث أعدوا جيوشًا من المستشرقين والمنصرين الذين قاموا بحركة تشويه للإسلام بهدف تشكيك المسلمين فيه، كما قاموا بإنشاء قاعدة نصرانية لهم في لبنان، ويهودية في فلسطين، بالاضافة إلى ما قاموا به من تمزيق وحدة العالم الإسلامي عن طريق إشاعة النعرات العصبية في العالم الإسلامي١.
هذا هو الأسلوب الجديد في مواجهة الإسلام، وهو أسلوب الغزو الفكري الذي يفوق بعشرات المراحل أسلوب الغزو العسكري، ذلك أنه يمتاز بما يأتي:
١- الخداع: فالعدو من خلال هذا الغزو لا يقف أمامك عيانًا بيانًا بل هو متخفي يأتيك من وراء حجاب ويداهمك بدون شعور منك، قد يأتيك في صورة مقال جذاب، أو كتاب بغلاف براق، أو برنامج إذاعي أو تلفزوني، أو فيلم٢، أو مسلسل، بل إنه قد يأتيك من خلال واحد من أبناء جلدتك ووطنك، بل ودينك أحيانًا.
٢- الخطورة: الغزو الفكري أخطر بكثير من الغزو العسكري، لأنه عميق التأثير في الشعوب المغزوة، إذ يمتد تأثيره عشرات بل مئات السنين أحيانًا، والشعب الذي يُحارب بالغزو الفكري يتصرف بمحض اقتناعه هو كما يريد الغازي.
٣- عدم وجود المشقة: فالغزو الفكري سهل وبسيط، وأقل تكلفة من الغزو العسكري الذي يكلف كثيرًا من الدماء والطاقات٣.
_________
١ انظر احذروا الأساليب الحديثة، ٣٨.
٢ الفيلم، شريط تصويري أو تسجيلي (ج) أفلام. انظر المعجم الوسيط، ٢/٧٠٢.
٣ احذروا الأساليب الحديثة، ٣٩.
1 / 342
المبحث الثاني: أهمية دراسته
إن معرفة ودراسة الغزو الفكري لها أهمية كبيرة فهي تهدف إلى:
١- إمداد المسلم أو طالب العلم بمعلومات موضوعية تقفه على أساليب ووسائل الأفكار المناوئة والمعادية للإسلام، ليكون على وعي باخطارها ودراية بطرق معالجتها بأسلوب يتسم بالحصانة والحكمة وبعد النظر.
٢- تبصير المسلم بأن أعداء الإسلام تقوم خططهم على اختلاف مذاهبهم على أساس واحد هو الكيد للإسلام، فهم يركزون على تشويه الأصول قبل الفروع، يتصدون للقرآن الكريم، والرسول محمد ﷺ، والسيرة النبوية، ويحاربون اللغة العربية، ويعملون على إفساد الأخلاق، ونشر الرذيلة والفساد بين المجتمعات، وفصل المسلمين عن تاريخهم، وسير سلف أمتهم الصالح.
٣- دعوة الأجيال التي تأثرت بتلك المذاهب والاتجاهات وجعلها أجيالًا إسلامية واعية تحيا بالإسلام، وتعمل من أجله، وتستطيع أن تجابه تلك الاتجاهات الفاسدة المفسدة.
٤- بيان أن اتباع المذاهب والأفكار المعادية للإسلام يسبب الخلاف والنزاع والفرقة بين المسلمين، والله تعالى أمر بالاعتصام بكتابه، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ ١.
٥- تحذير المسلمين عامة والشباب على وجه الخصوص من الاغترار والانخداع بالأفكار والأساليب التي يروج لها أعداء الإسلام والمسلمين،
_________
١ سورة آل عمران، الآية ١٠٣.
1 / 343
وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، القائمة على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، حتى لا يقعوا فريسة سهلة لأفكار ومبادئ أعداء الإسلام.
٦- العمل على محاربة الدعوات والأفكار المشبوهة، وبيان ما تنطوي عليه من أخطار، ومنع نشاطها بجميع الوسائل والأساليب.
٧- إن معرفة الأفكار المنحرفة والهدامة تجعل المسلم يميز بين الحق والباطل، وذلك كما قال عمر ين الخطاب ﵁ "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية"١.
_________
١ لم أجده في كتب المسانيد، وقد ذكره ابن تيمية في منهاج السنة، ٢/٣٩٨، ٤/٥٩٠، ودرء تعارض العقل والنقل، ٥/٢٥٩، ومجموع الفتاوى، ١٠/٣٠١، وذكره ابن القيم في مدارج السالكين، ١/٣٧٣، وفي كتاب الفوائد، ٢٠٢، تحت عنوان قاعدة جليلة، وفي هامش تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، ٢٨٦-٢٨٧، مكتبة التراث الإسلامي، ١٤١٦؟، وورد في مسند الإمام أحمد مرفوعًا إلى النبي ﷺ، ٤/٢٣٢.
1 / 344
المبحث الثالث: مظاهره واتجاهاته
اتخذ الغزو الفكري للإسلام والمسلمين في العصر الحديث مظاهر عديدة، واتجهت تياراته في مجاري عمقها صانعوها وزادوا في طولها وعرضها، حتى طافت بالعالم الإسلامي، حاملة إليه السم في العسل، أو الموت فيما يزعمون أنه الدواء.
ونستطيع أن نتعرف على تلك المظاهر للغزو الفكري وتياراته في حملات التشويه الموجهة ضد الإسلام في الأمور الآتية١:
حملات موجهة لتشويه القرآن الكريم.
حملات موجهة لتشويه السنة النبوية.
حملات موجهة لتشويه شخص الرسول ﷺ.
حملات موجهة لتشويه التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية.
حملات موجهة لتشويه التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية.
كما نستطيع أن ندرك مظاهر هذا الغزو في حملات التغريب٢ للحضارة الإسلامية وللمسلمين أنفسهم، كتغريب التعليم والثقافة والنظم الإجتماعية والسياسية والإقتصادية، وتغريب الأخلاق والآداب، ثم تكون قمة التغريب
_________
١ انظر الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. علي عبد الحليم، ٢٣ بتصرف.
٢ التغريب: مصدر تفعيل من غرّب يغرب تغريبًا، وهو مشتق من الغرب، أي الدول الغربية الأوربية والأمريكية، ومن في حكمها.
ويراد بالتغريب: تغيير قيم الأمة ومثلها، أي تغيير عقيدتها وثقافتها وأخلاقها، وإبعاد المسلمين عن دينهم باسم المدنية والتطور والتقدم، وإحلال ما يقابل ذلك في الحضارة الغربية. انظر حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصره، د. جميل المصري، ١٦٥ بتصرف.
1 / 345
بتغريب اللسان لقطعة من لغة القرآن اللغة العربية الفصحى.
ويشمل الخطط الاستعمارية للدول الغربية والشرقية المتقدمة صناعيًا، كما يشمل المذاهب والاتجاهات الفكرية المعادية للإسلام من صليبية تتمثل في الإرساليات التبشيرية، والدراسات الاستشراقية الموجهة، ويهودية تسعى للسيطرة على العالم بخططها الصهيونية١، وجمعياتها السرية، كالماسونية٢ ونوادي الروتاري٣ وغيرها.
_________
١ الصهيونية: هي حركة يهودية سياسية عنصرية دينية متطرفة تهدف إلى جمع الملايين من يهود العالم في كيان يهودي قومي في فلسطين استنادًا إلى مزاعم تاريخية ودينية، واتخاذ فلسطين نقطة انطلاق لدولة كبيرة تمتد من الفرات إلى النيل، ومن ثم تكوين امبراطورية صهيونية عالمية تكون وريثة للحضارة الغربية.
انظر حاضر العالم الإسلامي، د. جميل المصري، ١/٨٤، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ٣٣١، الصهيونية وخطرها على البشرية، د. حمود الرحيلي١١-١٤.
٢ منظمة يهودية سرية إرهابية غامضة محكمة التنظيم تهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم، وتدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد، وجل أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم، يوثقهم عهد بحفظ الأسرار، ويقومون بما يسمى بالمحافل للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام. انظر اليهودية، لأحمد شلبي، ٣٢٥-٣٣٠، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ٤٤٩-٤٥٣، والماسونية وموقف الإسلام منها، د. حمود الرحيلي، ١١ وما بعدها.
٣ الروتاري منظمة ماسونية تسيطر عليها اليهودية العالمية، تعرف باسم نادي الروتاري ... وقد جاء هذا الاسم من التناوب.. تلك العبارة التي صاحبت الاجتماعات الأولى لأعضاء النادي الذين كانوا يعقدونها في مكاتبهم بشكل متناوب. انظر الموسوعة الميسرة، ٢٤٣.
1 / 346
كما تشمل الديمقراطية١، والرأسمالية٢، والشيوعية٣، وكافة المذاهب الاشتراكية، والدعوة إلى العصبيات القومية٤، الممزقة للأمة الواحدة.
_________
١ الديمقراطية: كلمة من أصل يوناني معناها حكم الشعب، وتنصرف إلى كل نظام سياسي يكون الشعب فيه مصدر السلطة وصاحب السيادة. انظر الموسوعة الثقافية، ٤٦٦، القاموس السياسي، لأحمد عطية الله، ٥٤٧-٥٤٨، الديمقراطية في الميزان، لسعيد عبد العظيم، ٣١.
٢ الرأسمالية: نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية، يقوم على أساس إطلاق الحرية الشخصية للفرد فيما يعمل وفيما يكسب، وفيما يملك، وفيما ينفق، دون حدود أو قيود، ومن غير مراعاة لدين أو خلق. انظر الموسوعة الميسرة، ٢٣١، الاتجاهات الفكرية المعاصرة، د. جمعة الخولي، ١٥٧، الرأسمالية وموقف الإسلام منها، د. حمود الرحيلي، ١٥.
٣ الشيوعية: مذهب فكري يقوم على الإلحاد، وأن المادة هي أساس كل شئ، ويفسر التاريخ بصراع الطبقات، وبالعامل الاقتصادي، ظهرت في ألمانيا على يد ماركس وانجلز، وتجسدت في الثورة البلشفية التي ظهرت في روسيا سنة ١٩١٧م، بتخطيط من اليهود، وتوسعت على حساب غيرها بالحديد والنار، وقد تضرر المسلمون منها كثيرًا ... انظر الموسوعة الميسرة، ٣٠٩.
٤ القومية: هي فكرة تقوم على التقاء كل شعب على الروابط المشتركة بين افراده، كالجنس، أو اللغة، أو التاريخ، أو الأرض والوطن، أو الظروف المعيشية والاقتصادية، أو عليها جميعًا، وأستثني من ذلك الدين، وقد اختلفت وجهات النظر في تحديد العنصر الأهم والمقوم الأساسي لهذه الفكرة، وحقيقة القومية التي دعا إليها الاستعمار هي دعوة كل جنس من شعوب العالم الإسلامي إلى التلاحم والتآخي على أساس اللغة والدم وغيرها من الروابط، دون اعتبار للدين، كما استبعد التاريخ الإسلامي من الروابط المشتركة. انظر نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع، ضمن مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (يرحمه الله) ١/١٨٧-١٨٨، والاتجاهات الفكرية المعاصرة وموقف الإسلام منها، د. جمعة الخولي، ١١٥-١١٦، المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام، لمحمد محمود الصواف، ٢٣-٢٨، فكرة القومية العربية على ضوء الإسلام، د. صالح العبود، ٢١ وما بعدها.
1 / 347
كما تشتمل على الفلسفات الهدامة كالوجودية١، والعلمانية٢، وغيرها من المذاهب التي ابتدعها أعداء الإسلام، لتخريب المجتمعات البشرية، وهدم الأخلاق والآداب بمختلف الوسائل كدور اليهود، والجمعيات الهدامة، والاستغلال السئ لوسائل الإعلام الحديثة.
_________
١ الوجودية: تيار فلسفي يعلي من قيمة الإنسان، ويؤكد على تفرده، وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار، ولا يحتاج إلى موجه، وهو جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة، وليس نظرية فلسفية واضحة المعالم، ونظرًا لهذا الاضطراب والتذبذب لم تستطع إلى الآن أن تأخذ مكانها بين العقائد والأفكار. انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ٥٤٣.
٢ العلمانية: ترجمة مضللة لمصطلح أجنبي وترجمته: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة، ولا صلة لها بالعلم. انظر الاتجاهات الفكرية المعاصرة. د. جمعة الخولي، ٩١، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ٣٦٧.
1 / 348