تقبيح الْوَلَد
قَالَ أَكْثَم بن صَيْفِي: من سره بنوه ساءته نَفسه. وَقَالَ يحيى بن خَالِد: مَا أحد رأى فِي وَلَده مَا يحب، إِلَّا رأى فِي نَفسه مَا يكره. وَقَرِيب من هَذَا الْمَعْنى قَول ابْن الرُّومِي: كم من سرُور لي ... بمولود أؤمله لغد وَبِأَن يهدني الزما ... ن، رَأَيْت منته أَشد وَمن الْعَجَائِب أَن أسر بِمن يسر بِأَن أهد وَقلت فِي كتاب الْمُبْهِج: إِذا ترعرع الْوَلَد تزعزع الْوَالِد. وَقَالَ ابْن المعتز فِي فصوله الْقصار: أفقرك الْوَلَد وعاداك. وَقيل لعيسى بن مَرْيَم ﵇: هَل لَك فِي الْوَلَد، فَقَالَ: مَا حَاجَتي إِلَى من عَاشَ كدني، وَإِن مَاتَ هدني. وَقيل لبَعض النساك: مَا لَك لَا تبغي مَا كتب الله لَك. فَقَالَ: سمعا لأمر الله سُبْحَانَهُ، وَلَا مرْحَبًا بِمن إِن عَاشَ فتنني، وَإِن مَاتَ أحزنني. يُرِيد قَوْله ﷾: " إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة ". وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء فِي ذمّ الْأَوْلَاد: مُلُوك صغاراُ، وأعداء كبارًا. يُرِيد قَوْله تَعَالَى: " إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم ". وَقَالَ لي أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن إِسْمَاعِيل الميكالي: إِنَّمَا صَار ولد الْوَلَد أحب إِلَى الرجل من وَلَده لصلبه لِأَن الْوَلَد عدوه كَمَا قَالَ الله ﷿: " إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم "، وَولد الْوَلَد عَدو الْعَدو، وعدو عَدوك صديقك فِي أغلب الْحَالَات. وَفِي الحَدِيث الْمَرْفُوع: الْوَلَد مَبْخَلَة، مَجْبَنَة، مجهلَة. وَكَانَ يُقَال: من أَرَادَ أَن يَذُوق الْحَلَاوَة والمرارة فِي شَيْء وَاحِد فليتخذ ولدا.
1 / 64