La délivrance et l'illumination
التحرير والتنوير
Maison d'édition
الدار التونسية للنشر
Lieu d'édition
تونس
الطَّرِيقَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالنَّقْضِ فِي الْجَدَلِ وَمَرْجِعُهَا إِلَى الْمَنْعِ وَالْمَانِعِ لَا مَذْهَبَ لَهُ. وَأَمَّا ضَحِكُهُ ﷺ فَهُوَ تَعَجُّبٌ مِنْ جَهْلِهِمْ.
الْقَوْلُ السَّابِعُ أَنَّهَا رُمُوزٌ كُلُّ حَرْفٍ رَمَزَ إِلَى كَلِمَةٍ فَنَحْوُ: (الم) أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ، وَ(المر) أَنَا اللَّهُ أَرَى، وَ(المص) أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ وَأَفْصِلُ. رَوَاهُ أَبُو الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيُوهِنُهُ أَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَرَّةً بِمُقَابَلَةِ الْحَرْفِ بِحَرْفِ أَوَّلِ الْكَلِمَةِ، وَمَرَّةً بِمُقَابَلَتِهِ بِحَرْفٍ وَسَطِ الْكَلِمَةِ أَوْ آخِرِهَا. وَنَظَّرُوهُ بِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَتَكَلَّمُ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ بَدَلًا مِنْ كَلِمَاتٍ تَتَأَلَّفُ مِنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ نَظْمًا وَنَثْرًا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
بِالْخَيْرِ خَيِّرَاتٌ وَإِنْ شَرٌّ فَا ... وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا
أَرَادَ وَإِنْ شَرٌّ فَشَرٍّ وَأَرَادَ إِلَّا أَنْ تَشَا، فَأَتَى بِحَرْفٍ مِنْ كُلِّ جُمْلَةٍ. وَقَالَ الْآخَرُ (قُرْطُبِيٌّ):
نَادَاهُمْ أَلَا الْجِمُوا أَلَا تَا ... قَالُوا جَمِيعًا كُلُّهُمْ أَلَا فَا
أَرَادَ بِالْحَرْفِ الْأَوَّلِ أَلَا تَرْكَبُونَ، وَبِالثَّانِي أَلَا فَارْكَبُوا. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَامِلُ عُثْمَانَ يُخَاطِبُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ:
قُلْتُ لَهَا قِفِي لَنَا قَالَتْ قَافْ ... لَا تَحْسِبَنِّي قَدْ نَسِيتُ الْإِيجَافْ (١)
أَرَادَ قَالَتْ وَقَفْتُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ»
قَالَ شَقِيقٌ:
هُوَ أَنْ يَقُولَ اُقْ مَكَانَ اقْتُلْ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: «كَفَى بِالسَّيْفِ شَا»
، أَيْ شَاهِدًا (٢) . وَفِي «كَامِلِ الْمُبَرِّدِ» مِنْ قَصِيدَةٍ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْقُمِّيِّ وَهُوَ مولد:
وَلَيْسَ الْعَجَاجَةِ وَالْخَافِقَا ... تِ تُرِيكَ الْمَنَا بِرُؤُوسِ الْأَسَلِ
أَيْ تُرِيكَ الْمَنَايَا. وَفِي «تَلْعٍ» مِنْ «صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ» قَالَ لَبِيِدٌ:
دَرَسَ الْمَنَا بِمَتَالِعٍ فَأَبَانَ ... فَتَقَادَمَتْ بِالْحَبْسِ فَالسُّوبَانِ
أَرَادَ دَرَسَ الْمَنَازِلَ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ الْفَحْلُ («خَصَائِصَ» ص ٨٢):
كَأَنَّ إِبْرِيقَهُمْ ظَبْيٌ عَلَى شَرَفٍ ... مُفَدَّمٌ بِسَبَا الْكَتَّانِ مَلْثُومُ
أَرَادَ بِسَبَائِبَ الْكَتَّانِ. وَقَالَ الرَّاجِزُ:
(١) يُوجد فِي أَكثر الْكتب قلت لَهَا قفي فَقَالَت قَاف، وَهُوَ مُشْتَمل على زحاف ثقيل. وَفِي بعض نسخ الْبَيْضَاوِيّ فَقَالَت لي وَهِي مصححة، وَفِي «الخصائص» لِابْنِ جني: قلت لَهَا قفي لنا قَالَت قَاف، وَبعد هَذَا الْبَيْت:
والنشوات من مُعتق صَاف ... وعزف قينات علينا عزاف
(٢) هُوَ حَدِيث سعد بن عبَادَة «كفى بِالسَّيْفِ شَاهدا» أخرجه ابْن مَاجَه.
1 / 209