La délivrance et l'illumination

Mohamed Tahar Ben Achour d. 1393 AH
133

La délivrance et l'illumination

التحرير والتنوير

Maison d'édition

الدار التونسية للنشر

Lieu d'édition

تونس

نُزُولِ السُّوَرِ. وَأَيًّا مَا كَانَ فَإِنَّهَا قَدْ سَمَّاهَا النَّبِيءُ ﷺ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَأَمَرَ بِأَنْ تَكُونَ أَوَّلَ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: وَلَا يُنَاكِدُ ذَلِكَ نُزُولُهَا بَعْدَ سُوَرٍ أُخْرَى لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْ سَبْقَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَجَمَّعَ مِنَ الْقُرْآنِ مِقْدَارٌ يَصِيرُ بِهِ كِتَابًا فَحِينَ تَجَمَّعَ ذَلِكَ أُنْزِلَتِ الْفَاتِحَةُ لِتَكُونَ دِيبَاجَةَ الْكِتَابِ. وَأَغْرَاضُهَا قَدْ عُلِمَتْ مِنْ بَيَانِ وَجْهِ تَسْمِيَتِهَا أُمَّ الْقُرْآنِ. وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ بِاتِّفَاقِ الْقُرَّاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ، وَلَمْ يَشِذَّ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ هِيَ ثَمَانِ آيَاتٍ، وَنُسِبَ أَيْضًا لِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَإِلَى الْحُسَيْنِ الْجُعْفِيِّ (١) قَالَ هِيَ سِتُّ آيَاتٍ، وَنُسِبَ إِلَى بَعْضِهِمْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَنَّهَا تِسْعُ آيَاتٍ، وَتَحْدِيدُ هَذِهِ الْآيَاتِ السَّبْعِ هُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ ﷿، قَسَمْتُ الصَّلَاةَ نِصْفَيْنِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، فَأَقُولُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: الْعَبْدُ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، يَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قَالَ اللَّهُ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الْفَاتِحَة: ٢- ٧]، قَالَ اللَّهُ: هَؤُلَاءِ لعبدي ولعَبْد مَا سَأَلَ» اهـ. فَهُنَّ ثَلَاثٌ ثُمَّ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ، فَعِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا تُعَدُّ الْبَسْمَلَةُ آيَةً وَتُعَدُّ: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آيَةً، وَعِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ تُعَدُّ الْبَسْمَلَةُ آيَةً وَتُعَدُّ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ جُزْءَ آيَةٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَدَّ الْبَسْمَلَةَ آيَةً وَعَدَّ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آيَةً.

(١) هُوَ حُسَيْن بن عَليّ بن الْوَلِيد الْجعْفِيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي الْمُتَوفَّى سنة ٢٠٠ هـ أحد أَعْلَام الْمُحدثين روى عَن الْأَعْمَش وروى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَيحيى بن معِين.

1 / 136