الوصف بالجود إلى الوصف بالشجاعة، وإلا فنفس المعنى في الموضعين تشبيه الإنسان بالريح، غير أن السيد أخذ المعنى نثرًا، فعقده بالوزن شعرًا فله هذه الفضيلة لا فضيلة الاختراع، وعلى هذا يكون
باب حسن الإتباع أحق بهذا الشعر من باب سلامة الاختراع، ومن الجب كيف ذهب ذلك على الحاتمي مع تقدمه في الأدب وحذقه بالنقد هذا على أننا جعلنا تشبيه الحميري نفس الإمام علي ﵁ بالريح مجازًا، والحقيقة في ذلك غير هذا، لأن لفظ البيت يدل على أنه شبه بإنامة الإمام محاربيه بإنامة الرياح عادًا، فالشاعر إنما شبه إنامة بإنامة، لأنفس المنيم بنفس الريح، ومن اختراعات المحدثين قول ابن الرومي في تشبيه الرقاقة حين يبسطها الخباز في القطعة المشهورة التي أولها بسيط
لا أنس ما أنس خبازًا مررت به ... يدحو الرقاقة مثل اللمح بالبصر
إلى قوله:
إلا بمقدار ما تنداح دائرة ... في صفحة الماء يرمي فيه بالحجر
وإذا وصلت إلى قول ابن حجاج في هذا البيت وصلت إلى الغاية التي لا تلحق، حيث يقول في رئيس كان قريبًا من قلبه، بعيدًا من رفده طويل:
وإني والمولى الذي أنا عبده ... طريفان في أمر له طرفان