وأيضا قد استقر في دينهم أنهم لا يتكلمون بشرك، لا للجن ولا لغيرهم، ولا يعوذون بجني -بل ولا ذلك لإنسي، بل ولا يدعون أحدا إلا الله- قال تعالى: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا} [الجن: 6]، قالوا: كان الإنسي إذا نزل بالوادي يقول: أعوذ بعظيم هذا الوادي من شر سفهائه، فيبيت في أمن وجوار حتى يصبح. {فزادوهم رهقا}؛ يعني زاد الإنس للجن باستعاذتهم، {فزادوهم رهقا}؛ أي إثما وطغيانا وجرأة وشرا (¬1)، وذلك أنهم قالوا: قد سدنا الجن والإنس. فالجن تتعاظم في أنفسها وتزداد كفرا إذا عاملتها الإنس بهذه المعاملة.
وقد قال تعالى: {ويوم نحشرهم (¬2) جميعا ثم نقول (¬3) للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون • قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون} [سبأ: 40، 41]. فهؤلاء الذين يزعمون أنهم يدعون الملائكة، ويخاطبونهم بهذه العزائم، وأنها (¬4) تتنزل عليهم= ضالون؛ فإنما تتنزل عليهم الشياطين. كما أنها تتنزل عليهم إذا دعوا الكواكب - وهم يسمون ذلك: روحانية الكواكب، ويقولون: استنزل روحانية المشتري أو روحانية الزهرة. وإنما تتنزل عليهم شياطين.
Page 19