Tahqiq Wusul
كتاب تحقيق الوصول إلى شرح الفصول
Genres
4
[aphorism]
قال أبقراط: «التدبير» هو في اللغة مطلق التصرف وفي الاصطلاح التصرف في الأسباب الستة الضرورية ومراد أبقراط بالتدبير هنا التصرف في الغذاء من جهة ما يقل ويكثر ويغلظ ويلطف. والغذاء يقال، بحسب الصناعة، على الجسم الذي استحال حتى * فنيت (51) صورته وحدثت له صورة شيء من الأعضاء الإنسانية، وعلى الجسم الكائن في بدن الإنسان المعد لأن يكون غذاء * بالفعل (52) كالأخلاط، وعلى الجسم الذي من شأنه إذا ورد على البدن الإنساني أن يستحيل غذاء بالفعل كالخبز واللحم. وهذا الأخير هو المراد هنا وهو ينقسم إلى غليظ وإلى متوسط ولطيف. فالغليظ هو أن يكون المقدار القليل منه يغذو غذاء كثيرا. والمتوسط هو الذي يغذو قليله قليلا وكثيره كثيرا. واللطيف هو أن يكون المقدار PageVW0P009A الكثير PageVW1P010A منه يغذو غذاء يسيرا. قال القرشي والتدبير اللطيف له أربع مراتب: لطيف مطلقا، ولطيف جدا، ولطيف في الغاية، ولطيف في الغاية القصوى. ومثل للأخير بتناول ماء الشعير الرقيق. وقال بعضهم أنها ثلاثة: لطيف مطلقا، ولطيف في الغاية، ولطيف في الغاية القصوى. ومثل للأخير بترك الغذاء أصلا وحينئذ فقال «أما البالغ في اللطافة» من التدبير «فهو عسر مذموم في جميع الأمراض المزمنة لا محالة» وذلك لأن هذه الأمراض غليظة المواد عسرة الانفعال محوجة إلى مجاهدة الطبيعة ولا يمكن ذلك إلا إذا كانت قوية جدا وهذا محال مع هذا التدبير. تنبيهان: الأول المرض المزمن ما يجاوز أربعين يوما. الثاني أن هذا الحكم * مطلق (53) بخلاف الحكم في الأمراض الحادة وإلى ذلك أشار بقوله «والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية * القصوى (54) من اللطافة في الأمراض الحادة» وهي القصيرة المدة * العظيمة (55) الخطر وبهذا يخرج عنه ما لا يكون فيه خطر كحمى يوم فلا يقال لها مرض مزمن ولا مرض حاد «إذا لم تحتمله قوة المريض» PageVW1P010B وذلك بأن لا يظن بقاءها إلى منتهاه «عسر مذموم». قال القرشي المرض PageVW0P009B الحاد بالقول المطلق هو ما من شأنه الانفصال في أربعة عشر يوما والقليل الحدة ما ينقضي فيما بعد ذلك إلى أحد وعشرين يوما * والحاد (56) جدا ما ينقضي فيما بين السابع والحادي * عشر (57) والحاد في الغاية القصوى ما ينقضي في الرابع فما دونه والذي ينقضي من أحد وعشرين * يوما (58) إلى الأربعين سماه بحاد المزمنات وسماه أيضا بالأمراض المتوسطة بين الحاد والمزمن. وقال ابن القف إن المتوسط هو ما ينقضي بعد المرض الحاد بالقول المطلق إلى الأربعين وسماه * بالمنتقل (59) أيضا، وذلك لأنه قسم المرض إلى ثلاثة أقسام: حاد في الغاية القصوى وهو الذي ينقضي في الرابع فما دونه وحاد في الغاية وهو الذي لا يتجاوز السابع وحاد غير بالغ في الحدة وهو الذي يمتد إلى أربعة عشر يوما والذي ينقضي فيما بين الرابع عشر إلى الأربعين هو المتوسط بين الحاد والمزمن. * والمنقول يؤيد الأول (60) . تنبيه: علم مما ذكرنا أنه المرض الحاد ينقسم إلى أربعة أقسام عند القرشي وإلى ثلاثة أقسام عند ابن القف * وأن (61) التدبير اللطيف مراتبه أربعة عند الأول وثلاثة عند الثاني كما تقدمت الإشارة إليه قريبا انتهى. وما يذكر الآن يؤيد قوله والتدبير PageVW0P010A الذي يبلغ فيه الغاية القصوى إلى آخره وذلك لأن خطره * حينئذ يكون (62) من باب أولى.
5
[aphorism]
قال أبقراط:«في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم» إذا * ألزموا (63) لهذا التدبير وكانت شهوتهم لا تحتمل فإنها حينئذ تحملهم على إقدامهم على تناول أغذية رديئة فيشتد لذلك ضررهم «وذلك أن جميع ما يكون منه من الخطأ أعظم ضررا مما يكون منه في الغذاء الذي له غلظ يسير» والمعنى أنهم لو وسع لهم عند غلبة شهوتهم عليهم تناول غذاء له غلظ يسير لسكنت بذلك ولم تحملهم على تناول أغذية رديئة. قال القرشي وأشار بقوله بهذا في قوله «ومن قبل هذا صار التدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء أيضا خطر لأن احتمالهم لما يعرض من خطأ بهم أقل» إلى ما ذكره في الفصل المتقدم كأنه قال ومن قبل أن تلطيف التدبير في الأمراض المزمنة رديء وفي الأمراض الحادة أيضا PageVW1P012 إذا لم تحتمله القوة مع أن المرض ينبغي فيه التلطيف فالتدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء لا شك أنه خطر لأن احتمال الأصحاء لما يعرض من الخطأ بتلطيف التدبير أقل، وذلك لأن PageVW0P010B المرضى قواهم مشغولة بالمرض عن التصرف في الغذاء ولهذا قد يبقى واحد منهم مدة بغير غذاء لا يمكن بقاء الصحيح فيها ومن هذا يعلم جواب قوله بن القف من أن حكم الإمام بأن الأصحاء أقل احتمالا لخطأهم من المرضى خطأ والصواب العكس. تنبيه: اعلم أن ضرر الخطأ المذكور في صدر الفصل هو زيادة رداءة الأخلاط بسبب تناول الأغذية الرديئة وضرر الخطأ الثاني هو سقوط القوة بسبب ملازمة التدبير اللطيف «ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات أعظم خطرا» وذلك لأن أكثر الأبدان صحيحة وبعض الأمراض مزمنة وبعضها حاد لا تحتمل القوة فيه * المبالغة (64) في التلطيف ومناسبة الفصل الذي يذكر الآن لما قبله ظاهرة.
6
[aphorism]
قال أبقراط: «أجود التدبير» أي أفضل التدبير الذي يستعمل في «الأمراض التي PageVW1P012A في الغاية القصوى» من الحدة وهي التي يأتي بحرانها في الرابع فما دونه «التدبير * الذي (65) في الغاية القصوى» لأن الظاهر بقاء القوة إلى هذه المدة. تنبيه: يوخذ من قوله * أجود التدبير (66) جواز استعمال ما له غلظ يسير في تدبير PageVW0P011A هذا المرض لكن لا في وقت المنتهى كما يرشد إليه ما ينقله من الكلام على الفصل الذي نذكره الآن مع أنه ابتدأ لمعرفة قانونين يعرف منهما التدبير في الأمراض الأول منهما معرفة مرتبة المرض.
7
Page inconnue