وإذا ثبت أنه لابد من اشتراك جميع العقلاء في العلوم، إما عقلا وإما اعتياديا، فالمخالفة من العقلاء إنما تكون باللسان دون القلب، فيكون ذلك [تواطؤ] على الكذب، والكثرة تحيل التواطؤ اعتيادا. على ما سنبينه في أبواب التواتر.
وإن تصور كذب وتواطؤ في الأخبار المتواترة، فذلك عند حامل يحمل عليه، وملجئ يلجئ إليه، ولكن لابد من ظهور القضية بعد زوال الحامل. والأشعريون زائدون على عدد التواتر أضعافا مضاعفة، وهم مصرون على المخالفة، مستمرون عليها على مر الآباد من غير نكر وعناد، فبطل بذلك ادعاء العلم الضروري.
فإن فيل: فكما استحال أن يتواطأ العقلاء الجم الغفير على الكتمان، فكذلك يستحيل أن يخبروا بخلاف ما يضمرون. ونحن أيضا الجم الغفير، والعدد الكثير، وقد أخبرنا عن العلم الضروري أنه قام بنا بحسن بعض الأشياء وقبح بعضها، ولم يستند على نظر حتى يصح الغلط فيه، فلنكن صادقين فيما أخبرنا به عن أنفسنا من العلم الضروري. قلنا: قد بينا استحالة كونه ضروريا بما فيه مقنع وكفاية.