عند لبس الصور تأخذ في إنماء الكائنات عنها والنموّ لا يكون إلا إحالة الغير وتشبيهه بالنامي فكأنّ الطبيعة تغالب في تلك الإحالة وتستطيل على المستحيل؛ ومن البيّن أنّ كلّ مركب فله بسائط منها يبدو التركيب وإليها يعود التحليل، والموجودات الكلّيّة في العالم هي العناصر وهم على رأيهم السماء والريح والنار والماء والأرض وتسمى «مهابوت» أي كبار الطبائع، ولا يذهبون في النار إلى ما يذهب إليه من الجسم الحارّ اليابس عند تقعير الإيثر وإنّما يعنون بها هذه الموجودة على وجه الأرض من اضطرام الدخان؛ وفي «باج پران»: إنّ في القديم كان الأرض والماء والريح والسماء وإنّ براهم رأى شررة تحت الأرض فأخرجها وجعلها أثلاثا، فالأوّل «بارتب» وهي النار المعهودة التي تحتاج إلى حطب ويطفئها الماء، والثاني «دبت» وهو الشمس، والثالث «بدد» وهي البرق فالشمس تجذب الماء والبرق يمض من خلال الماء وفي الحيوان نار في وسط الرطوبات تغتذى بها ولا تطفئها؛ وهذه العناصر مركّبة فلها بسائط تتقدّمها تسمّى «بنج ماتر» أي أمّهات خمسة ويصفونها بالمحسوسات الخمسة فبسيط السماء «شبد» وهو المسموع وبسيط الريح «سپرس» وهو الملموس وبسيط النار «روپ» وهو المبصر وبسيط الماء «رس» وهو المذوق وبسيط الأرض «كند» وهو المشموم، ولكلّ واحد من هذه البسائط ما نسب إليه وجميع ما نسب إلى ما فوقه فللأرض الكيفيّات الخمسة والماء ينقص عنها بالشمّ والنار تنقص عنها به وبالذوق والريح بهما وباللون والسماء بها وباللمس، ولست أدري ماذا يعنون بإضافة الصوت إلى السماء وأظنّه شبيها بما قال «أوميروس» شاعر اليونانيّين: إنّ ذوات اللحون السبعة ينطقن ويتجاوبن بصوت حسن، وعنى الكواكب السبعة، كما قال غيره من الشعراء: إنّ الأفلاك المختلفة اللحون سبعة متحرّكات أبدا ممجدات للخالق لأنّه ماسكها محيط بها إلى أقصى نهاية الفلك غير المكوكب، وقال «فرفوريوس» في كتابه في آراء أفاضل الفلاسفة في طبيعة الفلك: إنّ الأجرام السماوية إذا تحرّكت على متقن أشكالها وهيآتها وترنّمها بالأصوات العجيبة على ما قاله «فوثاغورس» و
1 / 33