Tahdhib de la langue
تهذيب اللغة
Enquêteur
محمد عوض مرعب
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Édition
الأولى
Année de publication
٢٠٠١م
Lieu d'édition
بيروت
الضِّعْفِ﴾ (سَبَإ: ٣٧) لم يُرِدْ بِهِ مِثْلًا وَلَا مثلَين، ولكنَّه أَرَادَ بالضِّعف الْأَضْعَاف، وأَولى الْأَشْيَاء بِهِ أَن يُجعلَ عشرةَ أَمْثَاله، لقَوْل الله جلّ وعزّ: ﴿مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ﷺ
١٧٦٤ - إِلاَّ مِثْلَهَا﴾ (الأنعَام: ١٦٠) فأقلُّ الضعْف مَحْصُور وَهُوَ الْمثل، وَأَكْثَره غير مَحْصُور. وَأما قَول الله تَعَالَى: ﴿بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا﴾ (الأحزَاب: ٣٠) إنّهما ضعفانِ اثْنَان فَإِن سِيَاق الْآيَة وَالْآيَة الَّتِي بعْدهَا دلّ على أنّ المُرَاد من قَوْله ﴿ضِعْفَيْنِ﴾ (البَقَرَة: ٢٦٥) مَرَّتينِ. أَلا ترى قَوْله بعد ذكر الْعَذَاب: ﴿اللَّهِ يَسِيرًا وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا﴾ (الأحزَاب: ٣١) . فَإِذا جعل الله لأمّهات الْمُؤمنِينَ من الْأجر مثلَيْ مَا لغيرهنّ من نسَاء الأمَّة تَفْضِيلًا لهنّ عليهنّ، فَكَذَلِك إِذا أَتَت بفاحشةٍ إحداهُنَّ عُذبتْ مثلَيْ مَا يعذَّب غَيرهَا. وَلَا يجوز أَن تُعطَى على الطَّاعَة أجرَين، وعَلى الْمعْصِيَة أَن تعذّبَ ثَلَاثَة أعذبة.
وَهَذَا الَّذِي قلتُه قولُ حُذّاق النَّحْوِيين وقولُ أهل التَّفْسِير. وَإِذا قَالَ الرجل لصَاحبه: إِن أَعْطَيْتنِي درهما كافأتك بضعفين، فَمَعْنَاه بِدِرْهَمَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاجُ فِي قَول الله: ﴿فَئَاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ﴾ (الأعرَاف: ٣٨) قَالَ: عذَابا مضاعفًا؛ لأنّ الضِّعف فِي كَلَام الْعَرَب على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا الْمثل، وَالْآخر أَن يكون فِي معنى تَضْعِيف الشَّيْء ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾ (الأعرَاف: ٣٨) أَي للتابع والمتبوع؛ لأنّهم قد دخلُوا فِي الْكفْر جَمِيعًا، أَي لكلَ عذابٌ مضاعف.
وَقَول الله جلّ وعزّ: ﴿إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَواةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ (الإسرَاء: ٧٥) أَي أذقْناك ضِعفَ عَذَاب الْحَيَاة وضِعفَ عَذَاب الْمَمَات، ومَعناهما التَّضْعِيف.
وَقَول الله جلّ وعزّ: ﴿عِندَ اللَّهِ وَمَآ ءاتَيْتُمْ مِّن زَكَواةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَائِكَ﴾ (الرُّوم: ٣٩) مَعْنَاهُ الداخلون فِي التَّضْعِيف، أَي يُثابون الضِّعْف الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَائِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ﴾ (سَبَإ: ٣٧) .
وَالْعرب تَقول ضاعفت الشَّيْء وضعّفته، بِمَعْنى وَاحِد. وَمثله امْرَأَة مُناعَمة ومنعَّمة، وصاعَر المتكبّر خَدَّه وصعّره، وعاقدت وعقّدت، وعاقبت وعقّبت، بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المضعوف من أضعفتُ الشَّيْء وَأنْشد قَول لبيد:
وعالَين مضعوفًا وفَردًا سُموطُه
جُمانٌ ومَرجانٌ يشكُّ المفاصلا
وَأما قَول الله ﷿: ﴿مُّسْلِمُونَ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن﴾ (الرُّوم: ٥٤) قَالَ قَتَادَة: ﴿اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ﴾ (الرُّوم: ٥٤) قَالَ: من النُّطفة. ﴿ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ﴾ (الرُّوم: ٥٤)، قَالَ: الهَرَم. وَفِيه لُغَتَانِ: الضَّعْف والضُّعْف. وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة: ﴿علم أَن فِيكُم ضعفا و: ﴿فَهُمْ مُّسْلِمُونَ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ﴾ (الرُّوم: ٥٤) بِفَتْح الضَّاد فيهمَا. وَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَنَافِع وَابْن عَامر وَالْكسَائِيّ: (من ضُعْفٍ) و(ضُعْفًا) بِضَم الضَّاد، وهما لُغَتَانِ. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال ضعف الرجل يضعف ضَعفًا وضُعفًا، وَهُوَ خلاف القُوّة قَالَ:
1 / 305