كانت ناقصة كان ناقصا وإن كانت ضعيفة جدا لم يعط سلاح ألبتة بل أعطى آلة الهرب كشدة العدو والقدوة على الحيل التي تنجيه من مخاوفه. وأنت ترى ذلك عيانا من الحيوان الذي أعطى القرون التي تجري له مجرى الرماح.
والذي أعطى الأنياب والمخالب التي تجري له مجرى السكاكين والخناجر. والذي أعطى آلة الرمى التي تجري له مجرى النبل والنشاب. والذي اعطى الحوافر التي تجري له مجرى الدبوس والطبرزين. فأما ما لم يعط سلاحا لضعفه عن استعماله ولقلة شجاعته ونقصان قوته الغضبية ولأنه لو أعطيه لصار كلا عليه فقد أعطى آلة الهرب والحيل بجودة العدو والخفة والختل والمراوغة كالأرانب وأشباهها. وإذا تصفحت أحوال الموجودات من السباع والوحش والطير رأيت هذه الحكمة مستمرة فيها فتبارك الله أحسن الخالقين لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين، فأما الإنسان فقد عوض من هذه الآلات كلها بان هدى إلى استعمالها كلها وسخرت هذه كلها له وسنتكلم على ذلك في موضعه. فأما أسباب هذه الأشياء كلها والشكوك التي تعترض في قصد بعضها بعضا بالتلف والأنواع من الأذى فليس يليق بهذا الموضع وسأذكرها أن أخر الله في الأجل عند بلوغنا إلى الموضع الخاص بها.
1 / 78