236

Tahdheer 'Uloom al-Hadith

تحرير علوم الحديث

Maison d'édition

مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

واعلم أن قول بعض المتأخرين: (تثبت العدالة بالاستفاضة والشهرة) لا يصح بإطلاق؛ لأن مرجع الاستفاضة والشهرة إلى النقل الثابت عن الرواة، كالأخبار التي تحكي سيرهم وأحوالهم، فإن العدالة إنما استفيدت بدلالة تلك الأخبار، لا بمجرد استفاضة ذكرهم وشهرتهم.
المسألة الثالثة: في تعريف العدالة عند أبي عمر بن عبد البر:
قال ابن عبد البر: " كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدًا على العدالة حتى تتبين جرحته في حاله أو في كثرة غلطه؛
لقوله ﷺ: " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله " (١).
هذا النص في تفسير العدالة أنكره المتأخرون، فلماذا؟ هل لأنهم فهموا أنه يجعل العدالة وصفًا ثابتًا بمجرد الإسلام؟ أم لغير ذلك؟
عمليًا وجدت ابن عبد البر جرح بالجهالة في مواضع كثيرة، ورد بها أحاديث رواها مجهولان لا طعن عليهم إلا بالجهالة، في كتبه: التمهيد، والاستذكار، والاستيعاب، فدل على أنه لم يعن إثبات العدالة لكل من روى تأصيلًا، وإنما جعل في التحقيق على العدالة من حمل العلم وعرف أنه اعتنى به، والمجهولون لم يعرفوا بحمل العلم، إذ المعرفة والاعتناء بالعلم توجب الشهرة به، وهو ما ينافي الجهالة، وهذا الكلام لا إشكال فيه، ولم يقل ابن عبد البر: (كل من روى الحديث فهو عدل) ليصح التعقب عليه.
فقوله صحيح في الجملة في المعروفين من الرواة.
وأما الحديث الذي ذكره فضعيف على التحقيق (٢).
* * *

(١) التمهيد (١/ ٢٨).
(٢) بينته في كتابي " علل الحديث ".

1 / 251