193

Tahdheeb al-Athar Musnad Ali

تهذيب الآثار مسند علي

Chercheur

محمود محمد شاكر

Maison d'édition

مطبعة المدني

Lieu d'édition

القاهرة

Genres

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ ﷺ: مَنْ غَيَّرَ حُدُودَ حَرَمِ اللَّهِ الَّتِي حَدَّهَا إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِهِ مَنْ غَيَّرَ مَعَالِمَ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ مُجَاوِرَةٌ أَرْضَهُ لِيَسْرِقَ مِنْهَا، وَيَتَحَيَّفَ مِنْ حُدُودِهَا، كَيْ لَا يُوقَفَ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي هُوَ بَيْنَ أَرْضِهِ وَأَرْضِ غَيْرِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، وَأَخْذِهِ مِنْهَا ظُلْمًا مَا لَيْسَ لَهُ. وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيمَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي ذَلِكَ مَنَارَ حَرَمِ مَكَّةَ، لَمْ يَكُنْ ﷺ لِيَدَعَ بَيَانَ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ، إِمَّا بِنَصٍّ، أَوْ بِدَلَالَةٍ، وَلَا شَيْءَ فِي الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ مَعَالِمَ حَرَمِ إِبْرَاهِيمَ، بَلْ ذَلِكَ مِنْهُ عَامٌّ، فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ أَرْضٍ غَيَّرَ مَنَارُهَا مُغَيِّرٌ ظُلْمًا، أَدْخَلَ بِتَغْيِيرِهِ ذَلِكَ ضُرًّا عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ، إِمَّا بِدُخُولِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَاسْتِرَاقِهِ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ مَا لَيْسَ لَهُ، وَإِمَّا بِتَلْبِيسِهِ عَلَيْهِ، بِتَغْيِيرِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَقَّ الَّذِي هُوَ لَهُ. وَأَمَّا التَّخُومُ الَّذِي رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ»، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ: هِيَ وَاحِدَةٌ، وَيَفْتَحُونَ التَّاءَ مِنْهَا، وَيُنْشِدُونَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
[الْبَحْر الْخَفِيف]
يَا بَنِيَّ، التَّخُومَ لَا تَظْلِمُوهَا ... إِنَّ ظُلْمَ التَّخُومِ ذُو عِقَالِ
بِفَتْحِ التَّاءِ مِنَ التَّخُومِ. وَأَمَّا الْمُحَدِّثُونَ فَإِنَّهُمْ يَرْوُونَ ذَلِكَ بِضَمِّ التَّاءِ. وَمَنْ رَوَى ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِهَا إِلَى أَنَّهَا جَمْعٌ، وَاحِدَتُهَا تَخْمٌ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةٌ لِأَهْلِ الشَّامِ

3 / 206