[54]
القضاة وخطيب الخطباء بدر الدين بن جماعة بالخانقاه السميساطية شيخ الشيوخ بها، عن طلب الصوفية له في ذلك ورغبتهم فيه، وذلك بعد وفاة الشيخ يوسف بن حموية الحموي، وفرحت الصوفية به وجلسوا حوله، ولم تجتمع هذه المناصب قبله لغيره، ولا بلغنا أنها اجتمعت لأحد بعده إلى زمننا هذا: القضاء والخطابة ومشيخة الشيوخ. انتهى. كلام ابن كثير.
وقد اجتمعت هذه المناصب بعد موته لجماعة.
وفي يوم الخميس سابع عشر صفر سنة اثنتين وسبع مئة وصل البريد إلى دمشق فأخبر بوفاة قاضي القضاة بالديار المصرية تقي الدين بن دقيق العيد، ومعه كتاب من السلطان إلى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة فيه تعظيم له واحترام وإكرام يستدعيه إلى قربه ليباشر وظيفة القضاء بمصر على عادته. فتهيأ لذلك، ولما خرج خرج معه نائب السلطنة آقوش الأفرام واعيان الناس ليودعوه. ولما وصل مصر أكرمه السلطان إكراما زائدا، وباشر الحكم يوم السبت رابع ربيع الأول سنة اثنتين وسبع مئة. وولي بعده قضاء دمشق نجم الدين بن صصري. واستمر بدر الدين بقضاء مصر، فلما عاد الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك عزله بالقاضي جمال الدين الزرعي مدة سنة.
قال في ذيل العبر في سنة عشر وسبع مئة: وفي أولها عزل ابن جماعة من القضاء بنائبه جمال الدين الزرعي لكونه امتنع يوم عقد المجلس لسلطنة المظفر، فرآها له السلطان بعد ما أعيد ابن جماعة إلى المنصب بمصر. انتهى.
وقال في سنة إحدى عشرة: وأعيد إلى القضاء ابن جماعة، وجعل الزرعي قاضي العسكر مع قدر شأنه. انتهى.
واستمر ابن جماعة في القضاء إلى أن كبر وأضر بصره في أثناء سنة اثنتين وعشرين، فاستقال فأقيل. وصرف عن القضاء بإمام الدين القزويني أخي جلال الدين، ورتب له في الشهر ألف درهم، وعشرة أرادب قمح، مع تدريس زاوية الشافعي رضي الله عنه.
Page 75