Le Tafsir Wasit
الوسيط في تفسير القرآن الكريم
Maison d'édition
دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
الفجالة - القاهرة
Genres
وبعد هذا البيان الجامع عن أحوال المهتدين بهديه أو الناكبين عن صراطه، وما تخلل ذلك من المواعظ النافعة، والتمثيلات الرائعة، والبشارات الطيبة لمن آمن وعمل صالحا، بعد كل ذلك بين- سبحانه- أنه لا يعبأ أن يضرب مثلا بشيء حقير أو غير حقير، فقال- تعالى-:
[سورة البقرة (٢): الآيات ٢٦ الى ٢٧]
إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧)
روى الواحدي في أسباب النزول عن ابن عباس أن الله- تعالى- لما أنزل قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ وقوله- تعالى-: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا.
لما نزل قال المشركون: أرأيتم أى شيء يصنع بهذا؟! فأنزل الله إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها ...
وروى عن الحسن وقتادة أن الله لما ذكر الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب بهما المثل ضحك اليهود وقالوا: ما يشبه أن يكون هذا من كلام الله! فأنزل الله هذه الآية إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي. إلخ.
وقال السدى: لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين، يعنى قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا.. وقوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ قال المنافقون: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال! فأنزل الله هذه الآية.
1 / 82