201

Tafsir wal-Bayan li-Ahkam al-Quran

التفسير والبيان لأحكام القرآن

Maison d'édition

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٨ هـ

Lieu d'édition

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

يتضمَّنُ حُكْمًا يتوجَّهُ إلى المؤمنينَ خاصَّةً؛ وذلك أنَّ الكفَّارَ لا يُخاطَبونَ بفروعِ الشريعةِ للعملِ بها في الدُّنيا؛ وإنَّما يُخاطَبونَ بفروعِ الشريعةِ للعقابِ عليها في الآخِرةِ. وقولُه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ أصلُ الكَتْبِ: الجَمْعُ، والمرادُ به هنا: توثيقُ الشيءِ بجمعِهِ وشَدِّهِ وعَقْدِ أمرِه. والصِّيامُ في اللغةِ: الإمساكُ، والصَّائِمُ: القائِمُ الساكتُ، والمُمسِكُ الذي لا يَطْعَمُ شيئًا. يقالُ: صام الفرسُ على آرِيِّهِ: إذا لم يَعتلِفْ. وصيامُ الرِّيحِ: رُكُودُها. قال أبو عُبَيْدةَ: كلُّ مُمسِكٍ عن طعامٍ أو كلامٍ أو سَيْرٍ، فهو صائمٌ. قال تعالى: ﴿فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: ٢٦]؛ أيْ: إمساكًا عن الكلامِ. وصومُ النَّهارِ: وقوفُ الشمسِ في الظَّهِيرةِ. قال امرُؤُ القَيْسِ: فَدَعْهَا وَسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ ... ذَمُولٍ إذَا صَامَ النَّهَارُ وَهَجَّرَا وصومُ الخيلِ: إمساكُها عن الصَّهِيلِ. وممَّا يُنسَبُ للنابغةِ الذُّبْيانيِّ: خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ ... تَحْتَ العَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا وأمَّا في اصطلاحِ الشارعِ، فالمرادُ بالصِّيامِ: "إِمساكٌ مخصوصٌ، في زمنٍ مخصوصٍ، مِن شخصٍ مخصوصٍ، بنيَّةٍ مخصوصةٍ". الصيامُ في الأممِ السابقةِ: وذكَرَ اللهُ أنَّ الصِّيامَ قد شُرِعَ على مَنْ سبَقَنا؛ لأمورٍ، منها: أوَّلًا: التَّعْزِيَةُ بأنَّ هذا التكليفَ فُرِضَ على غيرِكم وقامُوا به؛

1 / 203