كأنه قال: لم يبق من المال إلا مسحت أو مخلف " انتهى ".
ويعني أن هذا الموجب الذي هو فشربوا منه هو في معنى المنفي، كأنه قيل: فلم يطيعوه فارتفع قليل على هذا المعنى ولو لم يلحظ فيه معنى النفي لم يكن ليرتفع ما بعد إلا فيظهر أن ارتفاعه على أنه بدل من جهة المعنى فالموجب فيه كالمنفى. وما ذهب إليه الزمخشري من أنه ارتفع ما بعد إلا على التأويل، هنا دليل على أنه لم يحفظ الاتباع بعد الموجب فلذلك تأوله. ونقول: إذا تقدم موجب جاز في الذي بعد إلا وجهان أحدهما: النصب على الاستثناء وهو الأفصح، والثاني: أن يكون ما بعد إلا تابعا لإعراب المستثنى منه أن رفعا فرفع أو نصبا فنصب أو جرا فجر فتقول: قام القوم إلا زيد، ورأيت القوم إلا زيدا، ومررت بالقوم إلا زيد، سواء أكان ما قيل إلا مظهرا أو مضمرا، واختلفوا في إعرابه فقيل: هو تابع على أنه نعت لما قبله فمنهم من حمل هذا على ظاهر العبارة.
وقال: ينعت بما بعد إلا الظاهر والمضمر. ومنهم من قال: لا ينعت به إلا النكرة أو المعرفة بلام الجنس فإن كان معرفة بالاضافة نحو: قام اخوتك أو بالألف واللام للعهد أو بغير ذلك من وجوه التعاريف غير لام الجنس فلا يجوز الاتباع ويلزم النصب على الاستثناء ومنهم من قال ان النحويين يعنون بالنعت هنا عطف البيان ومن الاتباع بعد الموجب قوله:
وكل أخ مفارقه
لعمر أبيك الا الفرقدان
وهذه المسألة مستوفاة في علم النحو وإنما أردنا أن ننبه على أن تأويل الزمخشري هذا الموجب بمعنى النفي لا يضطر إليه، وانه كان غير ذاكر لما قرره النحويون في الموجب.
{ فلما جاوزه } أي النهر.
{ هو والذين آمنوا معه } وهم الذين لم يشربوا وهو توكيد للضمير المستكن في جاوزه أي وعاينوا جالوت وعسكره.
{ قالوا } ظاهره عود الضمير على الذين آمنوا، والمعنى قال: من ضعفت نصيرته من المؤمنين وقد شاهدوا عسكر جالوت وكثرته. قال ابن عباس: قائل ذلك الكفرة الذين انخزلوا وهو الفاعل في فشربوا.
{ لا طاقة } هو من الطوق وهو القوة. تقول: أطاق أطاقه وطاقة كأطاع طاعة.
Page inconnue