Le Tafsir Muyassar
التفسير الميسر لسعيد الكندي
Genres
وكذلك جعلناكم أمة وسطا} خيارا، وقيل للخيار وسط، لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل والأوساط محمية؛ قال أبو سعيد : «كذلك قوله: {أوسطهم} (¬1) أفضلهم، وكذلك قوله: {أمة وسطا}، قال: خيارا فيما قيل»؛ {لتكونوا شهداء على الناس} أي تشهدون أعمالهم من بر وفجور، فتضعون كلا منزلته، وتوفونه حقه، {ويكون الرسول عليكم شهيدا} كما كنتم شهداء على الناس، {وما (¬2) جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} إلا امتحانا وابتلاء، لنعلم الثابت على الإسلام الصادق فيه، ممن هو على حرف ينكص على عقبيه لقلقه؛ وكذلك جعل كل فتنة حلت على أحد من خلقه امتحانا وابتلاء، ليعلم الثابت من خلقه على دينه، ليزداد بذلك إيمانا، ويعذب من ينقلب على عقبيه، كأنه سبق في علمه تحويل القبلة سببا لهداية قوم وضلالة آخرين، لأن تبديل العادات وترك المألوفات ثقيل على النفوس، إلا عباد الله المخلصين، وقليل ما هم؛ {وإن كانت لكبيرة} وإن كانت التحويلة لكبيرة ثقيلة شاقة، {إلا على الذين هدى الله} إلا على الثابتين الصادقين في اتباع الرسول، وجميع الطاعة كبيرة شاقة، (لعله) ولا سيما الانقلاب من المنسوخ إلى الناسخ، إلا على المهتدين؛ {وما كان الله ليضيع} (لعله) وذلك قيل: إن أناسا قالوا للمسلمين: «أخبرونا عن صلاتكم نحو بيت المقدس إن كانت هدى، فقد تحولتم عنها، وإن كانت ضلالة فقد دنتم لله بها، ومن مات منكم عليها فقد مات على الضلالة!، فقال المسلمون: إن الهدى ما أمر الله به، والضلالة ما نهى عنه، {إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم(143)} لا يضيع أجورهم؛ والرأفة أشد من الرحمة.
{
¬__________
(¬1) - ... يقصد قوله تعالى: {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون}. سورة القلم: 28.
(¬2) - ... في الأصل: - «ما»، وهو خطأ.
Page 76