Tafsir du Muwatta
تفسير الموطأ للقنازعي
Enquêteur
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Maison d'édition
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Lieu d'édition
قطر
Genres
فَرْضٌ معْطُوفٌ على نَدب، أَلا تَرَى إلى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، فَالحَجُّ فَرْض، والعُمْرَةُ سُنَّة، وكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ [النحل: ٩٠]، فالعدلُ فَرْضٌ، والإحسَانُ نَدْبٌ.
قالَ إسْمَاعِيلُ القَاضِي: وهذا واللهُ أَعلَمُ مِثْلُ قَوْلهِ ﵎: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٤١]، فَهذا طَرِيقُهُ طَرِيقُ النَّدبِ، فَكَذِلَكَ قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾، إنَّما هُوَ نَدْبٌ إلى فِعلِ الخَيْرِ.
وقالَ إسْمَاعِيلُ: ولا يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ شَيء مَعلُومٍ وَهُوَ الكِتَابِةُ، بِشَيء مَجْهُولا لا يُعرَفُ مِقْدَارُهُ، والفُرُوضُ مَحدُودةٌ، وهذا كُلُّهُ يَدُلُّ على أَنَّ قَوْلَهُ ﵎: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ أَنَّهُ ندبٌ لا فَرضٌ، كَمَا قالَهُ مَالِكٌ وإبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُ وجَمَاعَةٌ سِوَاهُمَا.
* قالَ أبو المُطَرِّفِ: قَوْلُ مَالِكٍ: (المُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيءٌ)، وبهذا قالَ ابنُ عُمَرَ، وقَالَتْهُ عَائِشَةُ زَوْجُ النبيِّ ﷺ، وقَالَهُ عَدَدٌ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ المَدِينَةِ.
ورَوَى أَهْلُ الكُوفَةِ مِنْ طَرِيقِ عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: (إذا أَدَّى المُكَاتَبُ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ مِنَ الكِتَابَةِ فَهُوَ غَرِيم مِنَ الغُرَمَاءِ) (١)، يَغنِي: أَنَّهُ إذا عَجَز بَغدَ أَنْ أَدَّى مِنَ الكِتَابَةِ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ لَمْ يَرُدُّهُ إلى السيِّدِ في الرِّقِ، وكَانَ غِريمًَا مِنْ غرَمَاءِ سَيِّدِه، يتبِعه السيِّدُ بِما فِيها في ذِمَّتِهِ إلى أَن يُؤَدِّيها إليه.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: والعَمَلُ في هَذه المَسْألةِ عِندِ أَهلِ المَدِينَةِ على قَوْلِ عَائِشَةَ وابنِ عمَرَ، فَمَتَى مَا عَجَزَ المكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ بَاقِي كِتَابَتِهِ، وإن كانَ ذَلِكَ يَسِيرًَا كَانَ
(١) رواه عبد الرزاق في المصنف ٨/ ٤١١، وابن حزم في المحلى ٩/ ٢٣٠، وقال ابن عبد البر في الإستذكار ٨/ ٤٣٥: هذا قول ترده السنة الثابتة في قصة بريرة من حديث عائشة وغيرها أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قفمت من كتابتها شيئا، وينظر قول أبي حنيفة وأصحابه في بدائع الصنائع ٤/ ١٥٣.
1 / 413