377

Tafsir du Muwatta

تفسير الموطأ للقنازعي

Enquêteur

الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري

Maison d'édition

دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Lieu d'édition

قطر

Genres

بَعْضُ طَلاَقِهِ إيَّاهَا بِغَيْرِ عِدَّة كَامِلَةٍ، وذَلِكَ أَنَّهُ تَقَعُ للطَّلْقَةِ الأُولَى عِدَّةٌ كَامِلَةٌ، وتَقَعُ للطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الأقْرَاءِ قُرآنِ، وتَقَعُ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ الأقْرَاءِ قُرءٌ، فَيَقَعُ ذَلِكَ بِخِلاَفِ مَا قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، فلِهَذا لا يَنْبَغِي أَنْ يُطَلِّقَها في كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً.
* قالَ ابنُ أَبِي زَيْدٍ: في حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وأَصْحَابهِ حِينَ سَأَلُوا النبيَّ ﷺ عَنِ العَزْلِ، وقَالُوا لَهُ: أنَّا نُحِبُّ العَزْلَ، وقالَ: "مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا" [٢٢٠٦]، يَعْنِي: مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَعْزِلُوا [عَنْ] (١) إمَائِكُم عِنْدَ وَطْئِكُم إيَّاهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ"، فَدَلَّ هذَا على أَنَّ الوَلَدَ قَدْ يَكُونُ مَعَ العَزْلِ، ولِهذَا قَالَ الفُقَهَاءُ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَطءِ أَمَتِهِ، وادَّعَا أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْها مَاءَهُ، أَنَّ الوَلَدَ لا حَقَّ بهِ، إذ قَدْ يَغْلِبُهُ المَاءُ أَو بَعْضُهُ.
" وقَوْلُهُم: (إنا نُحِبُّ الأثْمَانَ فِيهِ) (٢)، دَلِيلٌ على أَنَّ الأَمَةَ إذا حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدَها أَنَّهُ لاسَبِيلَ لَهُ إلى بَيْعِها، وقَدْ ثَبَتَ عَنِ النبيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ في أُمِّ إبْرَاهِيمَ: "أعْتَقَهَا وَلَدُهَا" (٣)، وقَدْ قَضَى عُمَرُ ﵁ في الأَمَةِ إذا حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِها أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا [٢٨٧١]، فإذا وَضَعْتْ فِهَيَ على ذَلِكَ الأَصْلِ في مَنْعِ بَيْعِها، وعلى هذا اتَّفَقَ المُهَاجِرُونَ والأَنْصَارُ بالمَدِينَةِ، ويُذْكَرُ عَنْ عليِّ بنِ أبي طَالِبٍ ﵁ أَنَّهُ رَخَّصَ بالكُوفَةِ في بَيْع أُمِّ الوَلَدِ، فَقَامَ إليه عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، فقَالَ لَهُ: (يا أَمِيرُ المُؤْمِنينَ، رَأْيُكَ في الجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلينا مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ) (٤)، وذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا وَافَقَ أَصْحَابَهُ بالمَدِينَةِ على المَنْعِ مِنْ بَيْعِ أُمِّ الوَلَدِ، فَلِهَذا قَالَ عَبِيدَةُ هذَا القَوْلَ.

(١) ما بين المعقوفتين زيادة وضعتها للتوضيح.
(٢) هذه اللفظة رواها البخاري في صحيحه (٢١١٦)، والبيهقي في السنن ١٠/ ٣٤٧، وقال: فلولا أن الإستيلاد يمنع من نقل الملك وإلا لم يكن لعزلهم محبة الأثمان فائدة.
(٣) رواه ابن ماجه (٢٥١٦)، والبيهقي ١٠/ ٣٤٦، من حديث ابن عباس، وإسناده ضعيف.
(٤) رواه عبد الرزاق ٧/ ٣٩١، والبيهقي في السنن ١٠/ ٣٤٨، بإسنادهم إلى عَبِيدة السَّلْماني به.

1 / 390