Tafsir du Muwatta
تفسير الموطأ للقنازعي
Chercheur
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Maison d'édition
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Lieu d'édition
قطر
Genres
للقِبْلَةِ وصِيَانة لَهُ عَنِ القَذَرِ [٦٦٤]، وقدْ رَوَى أَنسُ بنُ مَالِك أَنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: "البُصَاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وكَفارَتُها دَفْنُهَا" (١)، وإنَّما بنيَتِ المَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللهِ ﷿ والصَّلاَةِ، فَلِهذَا أَوْجَبَ أَنْ تُنَزَّهَ عَنْ جَمِيعِ الأَقْذَارِ.
* قَوْلُ ابنِ عُمَرَ: (بَيْنَما النَّاس بقُبَاءٍ في صَلَاةِ الصبْحِ إذ جَاءَهُم آتٍ، فقالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ قدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرآَنٌ) [٦٦٦]، إلى آخِرِ الحَدِيثِ، فيهِ مِنَ الفِقْهِ: قَبُولُ خَبَرِ الوَاحِدِ العَدْلِ، والدَّلِيلُ على ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللهِ ﷿ قوله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ﴾ [الحجرات: ٦]، فَلَمَّا أَمَرَ اللهُ ﷿ بالتَّثبّتِ في خَبَرِ الفَاسِقِ أَوْجَبَ قَبُولَ خَبَرِ الوَاحِدِ العَدْلِ، وفيه: أنَّ اللهَ ﷿ نَسَخَ مِنْ كِتَابِهِ مَا شَاءَ، وأَبْقَى الحُكْمَ فيهِ لَمَّا شَاءَ، ولَيْسَ العَمَلُ على مَنِ اسْتَدْبَرَ القِبْلَةَ أو شَرَّقَ أَو غَرَّبَ ثُمَّ تَبينَ لَهُ ذَلِكَ في بَعْضِ صَلاَتِهِ انْ يَنْصَرِفَ إلى القِبْلَةِ وُيتِمَّ صَلَاتَهُ، كَمَا فَعَلَ أَهْلُ قُبَاءَ، ومَنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ في صَلاَتِهِ قَطَعَهَا وابْتَدَأَ الصَّلَاةَ، لأَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا اسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَهُم التِّي كَانُوا قَدْ عَهَدُوهَا وابْتَدَؤُا إليها صَلاَتَهُم، فَلَمَّا بَلَغَهُم التَّحَوُّلُ عَنْهَا وأُمِرُوا باسْتِقْبَالِ الكَعْبَةِ لَزِمَهُم [الإنْصِرَافُ] (٢) إلى مَا أُمِرُوا به، وَهُم في حِينِ الصَّلَاةِ، وارْتَفَعَ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ جَمْلَةً وَاحِدَةً، فَمَنِ اسْتَدْبَرَ الآنَ القِبْلَةَ أَو شَرَّقَ أو غَرَّبَ قَطَعَ صَلَاتَهُ وابْتَدأَهَا، فإنْ تَبْيَّنَ لَهُ ذَلِكَ بعدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ أَعَادَهَا في الوَقْتِ إذا كَانَ قَد اجْتَهَد في القِبْلَةِ قَبْلَ دُخُولهِ في الصَّلَاةِ، وذَلِكَ أَنَّ الإجْتِهَادَ في القِبْلَةِ فَرْضٌ عندَ عَدَمِ القِبْلَةِ، فَمَنْ أَخْطَأَ في اجْتِهَادِهِ أَعَادَ صَلَاتَهُ في الوَقْتِ بعدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ.
* قَوْلُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ﵁: (فِيمَا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْربِ قِبْلَةٌ) [٦٦٨]، يعنِي: إذا تُوُجِّهَ قِبَلَ البَيْتِ، وإنَّمَا قَالَهُ عُمَرُ بالمَدينَةِ، وقدْ حدَّثنا أَبو
(١) رواه النسائي (٧٢٣)، وابن أبي شيبة ٢/ ٣٦٥، وأحمد ٣/ ١٧٢، بإسنادهم إلى أنس بن مالك. (٢) جاء في الأصل: (الأنصارف)، وهو خطأ ظاهر.
1 / 228