Tafsir du Muwatta
تفسير الموطأ للقنازعي
Enquêteur
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Maison d'édition
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Lieu d'édition
قطر
Genres
قال أبو المُطَرِّفِ: وَمِثْلُ مَالِكٍ يُوَجَّهُ بِحَدِيثِ النبيِّ ﷺ أَحْسَنُ الوُجُوهِ، وَيُتَأوَّلُ لَهُ التَّأويُلُ الحَسَنِ، وقد قالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: (الحَدِيثُ مَضِلَّةُ اللهِ للفُقَهَاءِ) (١) يُريدُ: أنَّ غَيْرَهُم قد عَمِلَ شَيْئًَا على ظَاهِرِ حَدِيثٍ، وله تَأْوِيلٌ مِنْ حَدِيثِ غَيرِه، أو دَلِيلٍ يَخْفَى، أو مَترُوكٍ أَوْجَبَ تَرْكَهُ، [أو] (٢) غيرِ شَيءٍ، وهذا كُلُّه لا يَقُومُ بهِ إلَّا مَنِ اسْتَبْحَرَ في العِلْمِ، ووَقَفَ على مَعَانِيه.
قالَ أحمدُ بنُ خَالِدٍ: روَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ الله ﷺ قالَ: "إذا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ كَانَ على كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ على مَنَازِلِهم، فالمُهَجِّرُ إلى الصَّلَاةِ كالمُهْدِي بَدَنةً، ثُمَّ الذي يَلِيهِ كالمُهْدِي بَقَرَةً" (٣) وذَكَرَ بَاقِي الحَدِيثَ، قالَ أحمدُ: وهذا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ سُمَيٍّ عَنْ أبي صَالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، وَيدُلُّ هذا على أنَّ هَذِه السَّاعَةَ قُرْبَ الزَّوَالِ، لِقَوْلِه: "فَالمُهَجِّرِ إلى الصَّلَاةِ"، والتَّهْجِيرُ هُوَ قُرْبُ الزَّوَالِ، لا في أَوَّلِ النَّهَارِ، كَمَا تَأوَّلَ غيرُ مَالِكٍ.
وقَؤلُه في الحَدِيثِ: "فإذا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ" والإمَامُ إنما يَخْرُجُ عندَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
* وقَوْلُهُ ﵎: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾ [الجمعة: ٩] إنما هذا على قَدْرِ قُرْبِ المَنَازِلِ مِنَ الجَامِعِ، ومَنْ بَعُدَ مَنْزِلُه فإنَّما هُوَ يَسْعَى إليها قبلَ ذَلِكَ الوَقْتِ.
* قَوْلُ أَبي سَعِيدٍ، عَنِ النبيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: "غُسْلُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ على كُلِّ
(١) ذكره ابن أبي زيد القيرواني في كتاب الجامع ص ١٥٠، ثم قال: يريد أن غيرهم قد يعمل شيئًا على ظاهره وله تأويل من حديث غيره أو دليل يخفى عليه، أو متروك أوجب تركه غير شيء مما لا يقوم به إلامن استبحر وتفقه.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) رواه النسائي (١٣٨٦)، وابن ماجه (١٠٩٢)، وابن خزيمة (١٧٦٩)، والبيهقي ٣/ ٢٢٥، بإسنادهم إلى الزهري به.
1 / 164