Tafsir Majmac Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Genres
(1) - الله فعلى هذا يكون الجواب رفعا كقولك البيان لحال الذي ضرب له المثل ويحتمل أن يكون ما وذا بمنزلة اسم واحد تقديره أي شيء أراد الله فيكون في موضع نصب بأنه مفعول أراد فعلى هذا يكون الجواب نصبا كقولك البيان لحال من ضرب له المثل ومثال الأول قوله تعالى: «ما ذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين» ومثال الثاني قوله «ما ذا أنزل ربكم قالوا خيرا» ومثلا منصوب على الحال وقيل على القطع وقيل على التفسير.
النزول
روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الله تعالى لما ضرب المثلين قبل هذه الآية للمنافقين يعني قوله «مثلهم كمثل الذي استوقد نارا» وقوله «أو كصيب من السماء» قال المنافقون الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال فأنزل الله تعالى هذه الآية وروي عن قتادة والحسن لما ضرب المثل بالذباب والعنكبوت تكلم فيه قوم من المشركين وعابوا ذكره فأنزل الله هذه الآية.
المعنى
«إن الله لا يستحيي» أي لا يدع وقيل لا يمتنع لأن أحدنا إذا استحيى من شيء تركه وامتنع منه ومعناه أن الله لا يدع ضرب المثل بالأشياء الحقيرة لحقارتها إذا رأى الصلاح في ضرب المثل بها وقيل معناه هو أن الذي يستحيي منه ما يكون قبيحا في نفسه ويكون لفاعله عيب في فعلهفأخبر الله تعالى أن ضرب المثل ليس بقبيح ولا عيب حتى يستحيي منه وقيل معناه أنه لا يخشى أن يضرب مثلا كما قال «وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه» أي تستحيي الناس والله أحق أن تستحييه فالاستحياء بمعنى الخشية هنا كما أن الخشية بمعنى الاستحياء هناك وأصل الاستحياء الانقباض عن الشيء والامتناع منه خوفا من مواقعة القبيح وقال علي بن عيسى معناه أنه ليس في ضرب المثل بالحقير للحقير عيب يستحيي منه فكأنه قال لا يحل ضرب المثل بالبعوض محل ما يستحيي منه فوضع قوله «إن الله لا يستحيي» موضعه وقوله «ما بعوضة فما فوقها» أي ما هو أعظم منها عن قتادة وابن جريج وقيل فما فوقها في الصغر والقلة لأن الغرض هاهنا الصغر وقال الربيع بن أنس أن البعوضة تحيى ما جاعت فإذا سمنت ماتت فكذلك القوم الذين ضرب لهم هذا المثل إذا امتلئوا من الدنيا ريا أخذهم الله عند ذلك ثم تلا «حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة» و روي عن الصادق ع أنه قال إنما ضرب الله المثل بالبعوضة لأن البعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله تعالى أن ينبه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه وعجيب صنعه وقد استشهد على استحسان ضرب المثل بالشيء الحقير في كلام العرب بقول الفرزدق :
Page 165