221

Tafsir Majmac Bayan

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

Genres

Tafsir

(1) - تكذيبهم فقال «ولقد آتينا موسى الكتاب» أي أعطيناه التوراة وأنزلنا إليه «وقفينا من بعده» أي أتبعنا من بعد موسى «بالرسل» رسولا بعد رسول يتبع الآخر الأول في الدعاء إلى وحدانية الله تعالى والقيام بشرائعه على منهاج واحد لأن كل من بعثه الله تعالى نبيا بعد موسى إلى زمن عيسى ع فإنما بعثه بإقامة التوراة والعمل بما فيها والدعاء إلى ذلك «وآتينا عيسى ابن مريم البينات» أي أعطيناه المعجزات والدلالات على نبوته من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ونحو ذلك من الآيات الدالة على صدقه وصحة نبوته وقال بعضهم أراد بالبينات الإنجيل وما فيه من الأحكام والآيات الفاصلة بين الحلال والحرام «وأيدناه بروح القدس » أي قويناه وأعناه بجبريل (ع) عن قتادة والسدي والضحاك والربيع واختلف في سبب تسمية جبرائيل ع روحا على وجوه (أحدها) أنه يحيي بما يأتي به من البينات الأديان كما تحيى بالأرواح الأبدان (وثانيها) أنه سمي بذلك لأن الغالب عليه الروحانية وكذلك سائر الملائكة وإنما خص بهذا الاسم تشريفا له (وثالثها) أنه سمي به وأضيف إلى القدس لأنه كان بتكوين الله تعالى إياه روحا من عنده من غير ولادة والد ولده وقال ابن زيد المراد بروح القدس الإنجيل كما سمى الله تعالى القرآن روحا فقال وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا فكذلك سمي الإنجيل روحا وروى الضحاك عن ابن عباس أن الروح الاسم الذي كان عيسى (ع) يحيي به الموتى وقال الربيع هو الروح الذي نفخ فيه فأضافه إلى نفسه تشريفا كما قال بيت الله و ناقة الله وأقوى الأقوال والوجوه قول من قال هو جبرائيل (ع) وإذا قيل لم خص عيسى (ع) من بين الأنبياء بأنه مؤيد بجبرائيل وكل نبي مؤيد به فالقول فيه إنه إنما خص بذلك لثبوت اختصاصه به من صغره إلى كبره فكان يسير معه حيث سار ولما هم اليهود بقتله لم يفارقه حتى صعد به إلى السماء وكان تمثل لمريم عند حملها به وبشرها به ونفخ فيها واختلف في معنى القدس فقيل هو الطهر وقيل هو البركة عن السدي وحكى قطرب أنهم يقولون قدس عليه الأنبياء أي بركوا وعلى هذا فإنه كدعاء إبراهيم (ع) للحرم رب اجعل هذا بلدا آمنا وكقول زكريا واجعله رب رضيا وقيل القدس هو الله تعالى عن الحسن والربيع وابن زيد وقالوا القدوس والقدس واحد وقوله «أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم» خطاب لليهود فكأنه قال يا معشر يهود بني إسرائيل أكلما جاءكم رسول من رسلي بغير الذي تهواه أنفسكم تعظمتم وتجبرتم وأنفتم من قبول قوله «ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون» أي فكذبتم منهم بعضا ممن لم تقدروا على قتله مثل عيسى (ع) ومحمد (ص) وقتلتم بعضا مثل يحيى وزكريا وغيرهما وظاهر الخطاب وإن خرج مخرج التقرير

Page 307