204

Tafsir Majmac Bayan

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

Genres

Tafsir

(1) - يدل على أنه لا عمل للفعل هنا وقوله «إلا أماني» نصب على الاستثناء المنقطع كقوله «ما لهم به من علم إلا اتباع الظن» وكقول الشاعر:

ليس بيني وبين قيس عتاب # غير طعن الكلى وضرب الرقاب

وقول النابغة :

حلفت يمينا غير ذي مثنوية # ولا علم إلا حسن ظن بصاحب

وإن في قوله «إن هم» بمعنى ما أي ما هم إلا ظانون فهم مبتدأ ويظنون خبره.

المعنى

«ومنهم» يعني ومن هؤلاء اليهود الذين قص الله قصصهم في هذه الآيات وقطع الطمع عن إيمانهم «أميون» أي غير عالمين بمعاني الكتاب يعلمونها حفظا وتلاوة لا رعاية ودراية وفهما لما فيه عن ابن عباس وقتادة وقال أبو عبيدة الأميون هم الأمم الذين لم ينزل عليهم كتاب والنبي الأمي الذي لا يكتب وأنشد لتبع :

له أمة سميت في الزبور # أمية هي خير الأمم

وقوله «لا يعلمون الكتاب» أي لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزل الله عز وجل ولا يدرون ما أودعه الله إياه من الحدود والأحكام والفرائض فهم كهيئة البهائم مقلدة لا يعرفون ما يقولونوالكتاب المعنى به التوراة أدخل عليه لام التعريف «إلا» بمعنى لكن «أماني» أي قولا يقولونه بأفواههم كذبا عن ابن عباس وقيل أحاديث يحدثهم بها علماؤهم عن الكلبي وقيل تلاوة يتلونها ولا يدرونها عن الكسائي والفراء وقيل أماني يتمنون على الله الرحمة ويخطر الشيطان ببالهم أن لهم عند الله خيرا ويتمنون ذهاب الإسلام بموت الرسول ص وعود الرياسة إليهم وقيل أماني يتخرصون الكذب ويقولون الباطل والتمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب وتخرصه ويقوي ذلك قوله «وإن هم إلا يظنون» فبين أنهم يختلقون ما يختلقون من الكذب ظنا لا يقينا ولو كان المعنى أنهم يتلونه لما كانوا ظانين وكذلك لو كانوا يتمنونه لأن الذي يتلوه إذا تدبره علمه ولا يقال للمتمني في حال وجود تمنيه أنه يظن تمنيه ولا أنه شاك فيما هو عالم به واليهود الذين عاصروا النبي لم يشكوا في أن التوراة من عند الله وقوله «وإن هم إلا يظنون» ومعناه أنهم يشكون وفي هذه الآية دلالة على أن التقليد في معاني الكتاب وفيما طريقه العلم غير جائز وأن الاقتصار على

Page 290