Tafsir Majmac Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Genres
(1) - والعلم أن العقل قد يكمل لمن فقد بعض العلوم ولا يكمل العلم لمن فقد بعض عقله فإن قيل إذا كان العقل مختلفا فيه فكيف يجوز أن يستشهد به قلنا أن الاختلاف في ماهية العقل لا يوجب الاختلاف في قضاياه ألا ترى أن الاختلاف في ماهية العقل حتى أن بعضهم قال معرفة وبعضهم قال قوة لا توجب الاختلاف في أن المائة أكثر من واحد وأن الكل أعظم من الجزء وغير ذلك من قضايا العقول .
المعنى
هذه الآية خطاب لعلماء اليهود وكانوا يقولون لأقربائهم من المسلمين أثبتوا على ما أنتم عليه ولا يؤمنون هم والألف للاستفهام ومعناه التوبيخ والمراد بالبر الإيمان بمحمد ص وبخهم الله تعالى على ما كانوا يفعلون من أمر الناس بالإيمان بمحمد ص وترك أنفسهم عن ذلك قال أبو مسلم كانوا يأمرون العرب بالإيمان بمحمد ص إذا بعث فلما بعث كفروا به وروي عن ابن عباس أن المراد أنهم كانوا يأمرون أتباعهم بالتمسك بالتوراة وتركوا هم التمسك به لأن جحدهم النبي ص وصفته فيه ترك للتمسك به وعن قتادة كانوا يأمرون الناس بطاعة الله وهم يخالفونه و روى أنس بن مالك قال قال رسول الله ص مررت ليلة أسري بي على أناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هؤلاء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم
وقال بعضهم أتأمرون الناس بالصدقة وتتركونها أنتم وإذا أتتكم الضعفاء بالصدقة لتفرقوها على المساكين خنتم فيها وقوله «وأنتم تتلون الكتاب» معناه وأنتم تقرأون التوراة وفيها صفته ونعته عن ابن عباس وقوله «أفلا تعقلون» أفلا تفقهون أن ما تفعلونه قبيح في العقول وعن أبي مسلم أن معناه هذا ليس بفعل من يعقل وقيل معناه أفلا تعلمون أن الله يعذبكم ويعاقبكم على ذلك وقيل أفلا تعلمون أن ما في التوراة حق فتصدقوا محمدا وتتبعوه فإن قيل إن كان فعل البر واجبا والأمر به واجبا فلما ذا وبخهم الله تعالى على الأمر بالبر قلنا لم يوبخهم الله على الأمر بالبر وإنما وبخهم على ترك فعل البر المضموم إلى الأمر بالبر لأن ترك البر ممن يأمر به أقبح من تركه ممن لا يأمر به فهو كقول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله # عار عليك إذا فعلت عظيم
ومعلوم أنه لم يرد به النهي عن الخلق المذموم وإنما أراد النهي عن إتيان مثله.
Page 215