Le Grand Commentaire

Al-Tabarani d. 360 AH
60

Le Grand Commentaire

التفسير الكبير

Genres

" والذي نفس محمد بيده؛ لو أنهم عمدوا إلى أدنى بقرة فذبحوها لأجزت، ولكن شددوا على أنفسهم بالمسألة فشدد الله عليهم "

إنما كان تشديدهم تقديرا من الله عز وجل وحكمة منه.

وكان السبب فيه: أن رجلا من بني إسرائيل كان بارا بأبويه، وبلغ من بره أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها بخمسين ألفا، وكان فيها فضل. فقال: إن أبي نائم ومفتاح الصندوق تحت رأسه، فأمهلني حتى يستيقظ وأعطيك الثمن. قال: فأيقظه وأعطني الثمن. قال: ما كنت لأفعل، قال: أزيدك عشرة آلاف إن أيقظت أباك وعجلت النقد. فقال: وأنا أزيدك عشرين ألفا إن انتظرت انتباه أبي؛ ففعل ولم يوقظ الرجل أباه؛ فأعقبه الله ببره أباه أن جعل البقرة تلك بعينها عنده.

وأمر بني إسرائيل أن يذبحوا تلك البقرة بعينها.

وقال ابن عباس: (كان في بني إسرائيل رجل صالح له ابن طفل؛ وكان له عجلة، فأتى بالعجلة إلى غيضة؛ وقال: اللهم إني أستودعك هذه العجلة لابني حتى يكبر. ومات الرجل فنشأت العجلة في الغيضة وصارت عوانا؛ وكانت تهرب من كل من رآها، فلما كبر الابن وكان بارا بأمه، كان يقسم الليلة أثلاثا؛ يصلي ثلثا؛ وينام ثلثا؛ ويجلس عند رأس أمه ثلثا، فإذا أصبح ذهب يحتطب على ظهره ويبيعه في السوق، ثم يتصدق بثلثه؛ ويأكل ثلثه؛ ويعطي أمه ثلثه.

فقالت له أمه يوما: إن أباك ورثك عجلة، وذهب بها إلى غيضة كذا واستودعها الله، فانطلق إليها وادع إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب أن يردها عليك؛ فإن من علامتها أنك إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها. وكانت تسمى المذهبة لحسنها وصفرتها وصفاء لونها.

فأتى الفتى الغيضة فرآها ترعى؛ فصاح بها وقال: أعزم عليك بإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، فأقبلت تسعى حتى قامت بين يديه؛ فقبض على عنقها وقادها. فتكلمت البقرة بإذن الله تعالى؛ وقالت: أيها الفتى البار بوالديه! اركبني فإن ذلك أهون عليك. قال: إن أمي لم تأمرني بذلك! ولكن قالت: قودها بعنقها، فقالت: وحق إله بني إسرائيل؛ لو ركبتني ما كنت تقدر علي أبدا، فانطلق فإنك لو أمرت الجبل أن ينقطع من أصله وينطلق معك لفعل لبرك بأمك!

فجاء بها إلى أمه فقالت: له: يا بني إنك فقير؛ وشق عليك الاحتطاب بالنهار؛ والقيام بالليل، فاذهب وبع هذه البقرة فخذ ثمنها. فقال: بكم؟ فقالت: بثلاثة دنانير؛ ولا تبعها بغير رضاي ومشورتي! وكان ثمن البقرة في ذلك الوقت ثلاثة دنانير.

فانطلق بها إلى السوق، فبعث الله ملكا في صورة بشر ليختبر كيف بر الفتى بوالديه! فقال الملك بكم تبيع هذه البقرة؟ قال: بثلاثة دنانير؛ وأشرط عليك رضى والدتي. فقال الملك: بستة دنانير؛ ولا تستأذن أمك. فقال: لو أعطيتني وزنها ذهبا لم آخذه إلا برضاء والدتي! فردها إلى أمه. فقالت: بعها بستة دنانير على رضى مني. فانطلق بها وقال للملك: إنها أمرتني أن لا أنقصها من ستة دنانير على أن أستأمرها. فقال: الملك: أنا أعطيك اثنى عشر على أن لا تستأمرها، فأبى، ورجع إلى أمه فأخبرها بذلك. فقالت: يا بني إن الذي يأتيك ملك في صورة بشر؛ فقل له: أتأمرنا أن نبيعها أم لا؟ فأتى إليه؛ فقال له ما قالت أمه. فقال له: اذهب إلى أمك وقل لها: أمسكي هذه البقرة، فإن موسى يشتريها منكم لقتيل يقتل من بني إسرائيل، فلا تبيعوها إلا بملئ مشكها ذهبا. وقدر الله على بني إسرائيل ذبحها مكافأة له على بر والديه فضلا منه ورحمة).

وروي أنها كانت لرجل يبيع الجوهر، فجاءه إبليس بجراب من اللؤلؤ يساوي مائتي ألف، فعرضه عليه بمائة ألف، فوجد الجوهري المفتاح تحت رأس أبيه وهو نائم، وقال: كيف أوقظ أبي لربح مائة ألف؟! فكره أن يوقظه، فرجع وقال: إن أبي نائم والمفتاح تحت رأسه. فقال له إبليس: إذهب أيقظه فأنا أبيعك بخمسين ألفا. فذهب فلم يحتمل قلبه ذلك، فرجع، فلم يزل إبليس يحط من الثمن حتى بلغ عشرة دراهم، فلم يوقظ أباه وترك الشراء، فجعل الله في ماله البركة حتى اشتروا بقرته بملئ مشكها ذهبا.

Page inconnue