327

Le Grand Commentaire

التفسير الكبير

Genres

قوله عز وجل: { نزل عليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه } ، قرأ ابراهيم بن أبي عبلة: (نزل عليك الكتاب) بتخفيف الزاي، وقرأ الباقون بالتشديد، ونصب الياء لأن القرآن كان ينزل منجما شيئا بعد شيء، والتنزيل مرة بعد مرة. قال الله تعالى: { وأنزل التوراة والإنجيل }؛ لأنهما نزلتا دفعة واحدة. ومعنى الآية: نزل عليك يا محمد القرآن بالصدق لإقامة أمر الحق.

قوله تعالى: { مصدقا لما بين يديه }؛ أي موافقا لما تقدمه من التوراة والانجيل وسائر كتب الله تعالى في الدعاء إلى توحيد الله، وبيان أقاصيص الأنبياء والأمر بالعدل والإحسان وسائر ما لا يجري فيه النسخ وبعض الشرائع. وانتصب { مصدقا } على الحال من الكتاب.

قوله تعالى: { وأنزل التوراة والإنجيل } أي أنزل التوراة جملة على موسى، والإنجيل جملة على عيسى { من قبل } القرآن، { هدى للناس }؛ أي بيانا ونورا وضياء لمن تبعه. وموضع { هدى } نصب على الحال.

قوله تعالى: { وأنزل الفرقان }؛ يعني القرآن، وأما ذكره لبيان أنه يفرق بين الحق والباطل، ومتى اختلف فوائد الصفات على موصوف واحد لم يكن ذكر الصفة الثانية تكرارا، بل تكون الثانية في حكم المبتدلات لكل صفة فائدة ليست للأخرى، والصفة الأولى تفيد أن من شأنه أن يكتب، والصفة الثانية تفيد أن من شأنه أن يفرق بين الحق والباطل. وقيل: إن كل كتاب لله فهو فرقان.

قوله عز وجل: { إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام } ، معناه: إن في كتب الله ما يدل على صدق قولك؛ فمن جحد بآيات الله وهي العلامات الهادية إليه الدالة على توحيده فأولئك لهم عذاب شديد، { والله عزيز ذو انتقام } أي ذو نقمة ينتقم ممن عصاه.

ثم حذرهم عن التلبس والاستتار عن المعصية، فقال: { إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السمآء } ، أي لا يخفى عليه قول الكفار وعملهم، يحصي كل ما يعملونه فيجازيهم عليه في الآخرة.

وفائدة تخصيص الأرض والسماء وإن كان الله لا يخفى عليه شيء بوجه من الوجوه: أن ذكر الأرض والسماء أكبر في النفس وأهول في الصدر، فذكره على وجه الأهوال، إذ كان الغرض به التحذير.

[3.6]

قوله تعالى: { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشآء }؛ أي خلقكم في أرحام الأمهات كيف يشاء من لون وطول وقصر وعظم وصغر وذكورة وأنوثة وحسن وقبح وسعيد أو شقي.

قوله تعالى: { لا إله إلا هو العزيز الحكيم }؛ أي لا مصور ولا خالق إلا هو. ومعنى العزيز: المنيع في سلطانه، لا يغالب ولا يمانع، ومعنى الحكيم: المحكم في تدبيره وقضائه في عباده، وأفعال الله كلها شاهدة بأنه الواحد القديم العالم القادر.

Page inconnue