201

Le Grand Commentaire

التفسير الكبير

Genres

قوله تعالى: { كآفة } أي جميعا مأخوذ من: ككفت الثوب؛ أي جمعته وضممت بعضه إلى بعض. ومعنى كافة في اللغة: مشتق من كف الشيء يكفه؛ أي منعه. وسميت الراحة مع الأصابع كفا؛ لأنها يكف بها عن سائر البدن. ورجل مكفوف: أي كف بصره عن النظر. ومنه قيل لحاشية القميص: كفة؛ لأنها تمنع الثوب من أن ينتشر. وكل مستطيل فحرفه كفة بالضم، وكل مستدير فحرفه كفة بالكسر نحو: كفة الميزان.

واختلف القراء في السلم؛ فقرأ ابن عباس والأعمش: (السلم) بكسر السين هنا وفي الأنفال وسورة محمد. وقرأ أهل الحجاز والكسائي بالفتح، وقرأ حمزة وخلف في الأنفال بالفتح وسائرها بالكسر، وقرأ الباقون هنا بالكسر والباقي بالفتح، وهما لغتان.

[2.209]

قوله عز وجل: { فإن زللتم من بعد ما جآءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم }؛ أي إن زللتم؛ أي إن عدلتم عن الطريق المستقيم بالخروج عن طاعة الله إلى المعصية. وقال ابن عباس: (معناه: فإن ملتم إلى أول شريعتكم من تحريم لحوم الإبل والسبت). { من بعد ما جآءتكم البينات } أي الدلالات والحجج؛ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم وشرائعه، { فاعلموا أن الله عزيز حكيم } أي غالب بالنقمة ولا يعجزه شيء من ذلك.

وقوله { حكيم } أي محكم في الفعل، حكيم في أمره. ويقال: عالم ذو حكمة فيما شرع لكم من دينه. وقال ابن حبان: (معنى: فإن زللتم؛ أي أخطأتم). وقال السدي: (فإن ضللتم). وقال ابن عباس: (يعني الشرك).

وقرأ أبو السمال العدوي: (فإن زللتم) بكسر اللام، وفي هذه الآية تشبيه العصيان بزلة القدم.

[2.210]

قوله عز وجل: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر }؛ افترق الناس في تفسير هذه الآية على أربعة أقوال؛ فرقة منهم يتأولونها على ظاهرها ويصفون الله بالإيتاء الذي هو زوال من مكان إلى مكان. وهذا القول غير مرض تعالى الله عنه. وفرقة يفسرون الإتيان تفسيرا مجملا لا يعدون ظاهر اللفظ، يقولون: يأتي كيف شاء بلا كيف. وهذا غير مرض أيضا.

وأما الفرقتان الأخريان من أهل السنة والجماعة؛ فإحداهما لا يفسرون هذه الآية ويقولون: نؤمن بظاهرها ونسكت عن الخوض في معناها؛ لما فيه من الاشتباه والتشبيه. وقال الكلبي: (هذا من المكتوم الذي لا يفسر). وقال ابن عباس: (نؤمن بها ولا نفسرها كما قال تعالى في المتشابهات:

وما يعلم تأويله إلا الله

Page inconnue