Tafsīr Ibn Kathīr
تفسير ابن كثير
Chercheur
سامي بن محمد السلامة
Maison d'édition
دار طيبة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1420 AH
Genres
Tafsir
الْحَنَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ غُنَيْمَ بْنَ قَيْسٍ الْمَازِنِيَّ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا، وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَكْتُبِ الْمُصْحَفَ، وَأَنَّهُ وُلِدَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ كُلَّمَا أَصْبَحَ غُلَامٌ، فَأَصْبَحَ لَهُ مِثْلُ مَالِهِ. قَالَ: قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا الْعَنْبَرِ، وَلِمَ؟ قَالَ: لَوْ لَمْ يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشِّعْرَ (١) .
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْلَّهِ، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَز قَالَ: لَوْلَا أَنَّ عُثْمَانَ كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشِّعْرَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: خَصْلَتَانِ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَيْسَتَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ: صَبْرُهُ نَفْسَهُ حَتَّى قُتِلَ مَظْلُومًا، وَجَمْعُهُ النَّاسَ عَلَى الْمُصْحَفِ (٢) .
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَدْ قَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدِ (٣) بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِالْمَصَاحِفِ -يَعْنِي بِتَحْرِيقِهَا-سَاءَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَقَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يغلَّ مُصْحَفًا فَلْيَغْلُلْ، فَإِنَّهُ مَنْ غلَّ شَيْئًا جَاءَ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سَبْعِينَ سُورَةً وَزَيْدٌ صَبِيٌّ، أَفَأَتْرُكُ مَا أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (٤) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، حدثنا سعيد بن سليمان (٥) حدثتا ابْنُ (٦) شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٦١]، غُلُّوا مَصَاحِفَكُمْ، وَكَيْفَ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَيَأْتِي مَعَ الْغِلْمَانِ لَهُ ذُؤَابَتَانِ، وَاللَّهِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَ، وَمَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي، وَمَا أَنَا بِخَيْرِكُمْ، وَلَوْ أَعْلَمُ مَكَانًا تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي لَأَتَيْتُهُ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَلَمَّا نَزَلَ عَنِ (٧) الْمِنْبَرِ جَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ، فَمَا أَحَدٌ يُنْكِرُ مَا قَالَ (٨) . أَصْلُ هَذَا مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ (٩) وَعِنْدَهُمَا: وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ. وَقَوْلُ أَبِي وَائِلٍ: "فَمَا أَحَدٌ يُنْكِرُ مَا قَالَ"، يَعْنِي: مِنْ فَضْلِهِ وَعِلْمِهِ وَحِفْظِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا أَمْرُهُ بغَلّ الْمَصَاحِفِ وَكِتْمَانِهَا، فَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: كُنَّا نَعُدُّ عَبْدَ اللَّهِ جَبَانًا (١٠) فَمَا بَالُهُ يُوَاثِبُ الْأُمَرَاءَ (١١) . وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: بَابُ رِضَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِجَمْعِ عُثْمَانَ الْمَصَاحِفَ بَعْدَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَسَّانَ الْعَامِرِيِّ، عَنْ فُلفُلة الْجُعْفِيِّ قَالَ: فَزِعْتُ فِيمَنْ فزع إلى عبد الله في
(١) المصاحف (ص ١٩) .
(٢) المصاحف (ص ١٩) .
(٣) في جـ: "عمير".
(٤) المصاحف (ص ٢١) .
(٥) في جـ: "سلمان".
(٦) في ط، جـ: "أبو".
(٧) في جـ: "من".
(٨) المصاحف (ص ٢٣) .
(٩) صحيح البخاري برقم (٥٠٠٠) وصحيح مسلم برقم (٢٤٦٢) .
(١٠) في المصاحف: "حنانا".
(١١) المصاحف (ص ٢٥) .
1 / 31