Tafsīr Ibn Kathīr
تفسير ابن كثير
Chercheur
سامي بن محمد السلامة
Maison d'édition
دار طيبة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1420 AH
Genres
Tafsir
وَحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ (١) عَنْ بُكَيْرِ (٢) بْنِ الْأَخْنَسِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: إِذَا قَرَأَ الْأَعْجَمِيُّ وَالَّذِي لَا يُقِيمُ الْقُرْآنَ كَتَبَهُ الْمَلَكُ كَمَا أُنْزِلَ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمَدَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْخُشُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ، فَإِنْ كَانَ الْخُشُوعُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَى ظَهْرِ الْقَلْبِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ (٣) فَهُوَ أَفْضَلُ فَإِنِ اسْتَوَيَا فَالْقِرَاءَةُ نَظَرًا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتُ وَتَمْتَازُ بِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ (٤) ﵀، فِي التِّبْيَانِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ السَّلَفِ وَفِعْلَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.
تَنْبِيهٌ:
إِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ، ﵀، أَرَادَ بِذِكْرِ (٥) حَدِيثِ سَهْلٍ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمُصْحَفِ، فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَيَعْلَمُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ منه، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التِّلَاوَةَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ مَنْ يُحْسِنُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ، إِذْ لَوْ دَلَّ هَذَا لَكَانَ ذِكْرُ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتِلَاوَتُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ -لِأَنَّهُ أُمِّيٌّ لَا يَدْرِي الْكِتَابَةَ-أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ بِمُفْرَدِهِ.
الثَّانِي: أَنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اسْتِثْبَاتِ أَنَّهُ يَحْفَظُ تِلْكَ السُّوَرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؛ لِيُمْكِنَهُ تَعْلِيمُهَا لِزَوْجَتِهِ، وَلَيْسَ الْمَرَادُ هَاهُنَا: أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ نَظَرًا، وَلَا عَدَمِهِ (٦) وَاللَّهُ ﷾ أعلم.
(١) في جـ: "النسائي".
(٢) في جـ: "بكر".
(٣) في ط: "المصحف أكثر".
(٤) في ط: "النواوي".
(٥) في ط: "بذكره".
(٦) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٩/ ٧٨) بعد أن ذكر كلام الحافظ ابن كثير هنا: "ولا يرد على البخاري شيء مما ذكر؛ لأن المراد بقوله: باب القراءة عن ظهر قلب، مشروعيتها أو استحبابها، والحديث مطابق لما ترجم به، ولم يتعرض لكونها أفضل من القراءة نظرا، وقد صرح كثير من العلماء أن القراءة من المصحف نظرا أفضل من القراءة عن ظهر قلب".
اسْتِذْكَارُ الْقُرْآنِ وَتَعَاهُدُهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ المعقَّلة، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ " هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ [بِهِ] (١) . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا (٣) مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " مَثَلُ الْقُرْآنِ إِذَا عَاهَدَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ، فَإِنْ عَقَلَهَا حَفِظَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ عِقَالَهَا ذَهَبَتْ، فَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ ". أَخْرَجَاهُ، قَالَهُ (٤) ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ (٥) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،
(١) صحيح البخاري برقم (٠٣١ ٥) وصحيح مسلم برقم (٧٨٩) وسنن النسائي (٢/ ١٥٤) .
(٢) المسند (٢/ ٣٥) .
(٣) في ط: "أخبرنا".
(٤) في جـ: "قال".
(٥) صحيح مسلم برقم (٧٨٩) .
1 / 70