Tafsīr Ibn Kathīr
تفسير ابن كثير
Chercheur
سامي بن محمد السلامة
Maison d'édition
دار طيبة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1420 AH
Genres
Tafsir
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَأَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ "، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١) وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الصَّحِيحِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْحِكَمِ وَالْفَوَائِدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " كَانَ يُعْرَضُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ الْقُرْآنُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعُرِضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ ".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ -وَهُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ -عَنْ أَبِي حُصِينٍ، وَاسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ، بِهِ (٢) . وَالْمُرَادُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ لَهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ: مُقَابَلَتُهُ عَلَى مَا أَوْحَاهُ إِلَيْهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، لِيُبْقِيَ مَا بَقِيَ، وَيُذْهِبَ مَا نُسِخَ تَوْكِيدًا، أَوِ اسْتِثْبَاتًا وَحِفْظًا؛ وَلِهَذَا عَرَضَهُ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ عُمْرِهِ، ﵇، عَلَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَعَارَضَهُ بِهِ جِبْرِيلُ كَذَلِكَ؛ وَلِهَذَا فَهِمَ، ﵇، اقْتِرَابَ أَجَلِهِ، وَعُثْمَانُ، ﵁، جَمَعَ الْمُصْحَفَ الْإِمَامَ عَلَى الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ، وَخُصَّ بِذَلِكَ رَمَضَانُ مِنْ بَيْنِ الشُّهُورِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِيحَاءِ كَانَ فِيهِ؛ وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ دِرَاسَةُ الْقُرْآنِ وَتَكْرَارُهُ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ اجْتِهَادُ الْأَئِمَّةِ فِيهِ فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذكرنا لذلك.
(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٩٧) وصحيح مسلم برقم (٢٣٠٨) .
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٩٩٨) وسنن أبي داود برقم (٢٤٦٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٧٩٩٢) وسنن ابن ماجة برقم (١٧٦٩) .
الْقُرَّاءُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ: ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَالِمٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ "، ﵃ (١) .
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِهِ (٢) .
وَأَخْرَجَاهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ -أَيْضًا-مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وائلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ بِهِ (٣) . فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ اثْنَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَقَدْ كَانَ سَالِمٌ هَذَا مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ، وَاثْنَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَهُمَا سَيِّدَانِ كَبِيرَانِ، ﵃ أَجْمَعِينَ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: خَطَبَنَا
(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٩٩) .
(٢) صحيح البخاري برقم (٣٨٠٦، ٣٧٥٨) وصحيح مسلم برقم (٢٤٦٤) وسنن النسائي الكبرى برقم (٧٩٩٦) .
(٣) صحيح البخاري برقم (٣٧٦٠) وصحيح مسلم برقم (٢٤٦٤) وسنن الترمذي برقم (٣٨١٠) وسنن النسائي الكبرى برقم (٧٩٩٧) .
1 / 51