290

Tafsir Bayan Sacada

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Genres

{ ولا تطرد الذين يدعون ربهم } فى الولاية يعنى ادع الطالب للدين ولا تطرد الداخل فى الدين بقبول ولاية على (ع) والبيعة الولوية معه فانك بعثت لدعوة الخلق اليه لا لطردهم عنه او لا تطرد عن نفسك الذين يدعون ربهم فى الولاية { بالغداة والعشي } يعنى يدعون ذاته ويريدون الاتصال بملكوته بعد الاتصال بملكه، فان الدعاء قد يستعمل فى دعاء الشيء لامر اخر من نصرته واعانته وغيرهما وقد يستعمل فى دعاء ذات الشيء طلبا له من غير ارادة امر آخر منه وهذا هو معناه اذا استعمل مطلقا وهو المراد ههنا لاطلاقه ولقوله بيانا لهذا المرام { يريدون وجهه } يعنى لا يريدون من دعاء ربهم غير وجه الرب ووجه كل شيء هو ما به يتوجه الى شيء آخر، ولما كان الكل متوجها بحسب التكوين الى الله فما به توجههم الى الله هو ملكوتهم المثالية او ما فوقها بحسب مرتبة الداعى وهذا فى المربوب واما الرب فلما كان متوجها الى الخلق للتكميل كان وجهه الى الخلق ما به يتوجه اليهم وما به يتوجه الى الخلق هو ملكوته ايضا، وفى هذا دليل على ما قالت العرفاء العظام من ان السالك ينبغى ان يكون دائم الذكر، فان المراد بالغداة والعشى استغراق الازمنة ولذا لم يكتف الله تعالى فى الذكر بالاطلاق بل قيده بالكثرة فى اكثر ما وقع وبنبغى ان يكون دائم الفكر ودائم الحضور، فان الفكر والحضور فى لسانهم هو التفكر فى ملكوت الرب والحضور عنده وغاية تلقين الشيخ الذكر للمريد ودعاء المريد بالذكر المأخوذ هى حصول وجه الرب له والى هذا المعنى اشارت الآية فتذكر، وقد نقل عن الصادق (ع) وقت تكبيرة الاحرام تذكر رسول الله (ص) واجعل واحدا من الائمة نصب عينيك، ولهم على مرامهم شواهد كثيرة نقلية وعقلية وما كان قصدنا الى بيان مقصدهم { ما عليك من حسابهم من شيء } من حيث شأن نبوتك بل حسابهم على ربهم { وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين } عطف على تطردهم او جواب للنهى كما ان تطردهم جواب للنفى، يعنى ان حساب من دخل فى الولاية وطردهم ابقاءهم انما هو على شأنك الولوى لا على شأنك النبوى فلا تطردهم بشأنك النبوى الذى يراعى الكثرة ويربى كلا فى مرتبته ويحفظ لكل ذى شأن شأنه عن ارادة شهود الرب والاتصال بوجهه، ولا تطردهم ايضا بحسب الصورة بشأنك الحافظ للصورة عن مجلسك بطلب القوم طردهم فان شأنك النبوى يستدعى ان لا تقرب الفقراء الذين لا شأن لهم فى انظار اهل الدنيا اليك، وان لا تحضرهم فى المجلس العام النبوى، وقد ذكر فى شأن نزول الآية انها نزلت فى قوم من المسلمين مثل صهيب وخباب وبلال وعمار وغيرهم كانوا عند رسول الله (ص) فمر بهم ملأ من قريش فقالوا: يا محمد (ص) ارضيت بهؤلاء من قومك؟! أفنحن نكون تبعا لهم؟! هؤلاء الذين من الله عليهم؟! طردهم عنك فلعلك ان طردتهم اتبعناك، وقيل انه (ص) قبل منهم ان يطردهم من عنده حين وفود القوم عليه واراد ان يكتب لهم كتاب عهد بذلك، فنزلت الآية ونحى الكتاب وذكر غير ذلك فى المفصلات.

[6.53]

{ وكذلك } اى مثل ابتلاء اغنياء قومك بفقرائهم { فتنا بعضهم ببعض ليقولوا } حالا وقالا اى الذين لا استحقاق لهم للدين واردنا ان نصرفهم عنك او عن الولاية { أهؤلاء من الله عليهم من بيننآ } استهزاء بهم وتنفرا عنهم حتى لا يرغبوا فى الاسلام او فى الولاية ولا يؤذوا صاحب الدين بتزاحمهم بالاغراض الدنيوية له، فاللام للغاية لا لمحض العاقبة كما قيل { أليس الله بأعلم بالشاكرين } فما بالك تطردهم وما بالهم يستهزؤن ويطلبون طردهم والله تعالى يذكرهم بالشكر الذى هو ابتغاء وجه ربهم ثم بعد نهيه عن طردهم امره بتقريبهم والتلطف بهم بالتحية عليهم وبشارتهم بالغفران والرحمة فقال { وإذا جآءك الذين يؤمنون بآياتنا }

[6.54]

{ وإذا جآءك الذين يؤمنون بآياتنا } يعنى يؤمنون بالايمان الخاص الولوى فان من بايع عليا (ع) بالبيعة الولوية يؤمن بجملة الآيات وهم الذين يدعون ربهم فى جميع الاوقات والذين هم على صلوتهم دائمون وهم الذين لا يبتغون فى دعائهم الا الاتصال بملكوت ربهم والحضور عنده ولقاء وجهه { فقل سلام عليكم } تحية لهم وتلطفا بهم وقل لهم { كتب ربكم على نفسه الرحمة } بشارة لهم وتطييبا لنفوسهم وتأنيسا لهم الى ربهم { أنه من عمل منكم سوءا بجهالة } بيان لمنشأ السوء لا تقييد له، يعنى من عمل منكم سوء بالتنزل عن دار العلم الى دار الجهل وقبول حكومة الجهل فان الواقع لا يكون الا هكذا { ثم تاب من بعده } عن دار الجهل { وأصلح } نفسه بالدخول فى دار العلم { فأنه غفور رحيم } اى يغفر له ويرحمه لانه غفور رحيم فهو من اقامة السبب مقام الجزاء.

[6.55-57]

{ وكذلك نفصل الآيات } آيات الكتاب التدوينى فى بيان احوال الخلق واصنافهم وآيات الكتاب التكوينى من الاولياء والاشقياء واتباعهم بآيات الكتاب التدوينى لتستبين سبيل المطيعين حذفه لادعاء ظهوره كأنه لا حاجة له الى البيان من حيث انه المقصود من كل الاحكام { ولتستبين سبيل المجرمين قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهوآءكم } تنبيه على ان منشأ عبادتهم اهويتهم وقطع لاطماعهم وتأكيد لضلالتهم { قد ضللت إذا } اذا اتبعت اهواءكم وعبدت مدعواتكم { ومآ أنا من المهتدين قل إني على بينة من ربي } تسفيها لرأيهم وتعريضا بهم وانهم على اهويتهم وتقليدهم ولا بينة لهم والعاقل ينبغى ان يكون فى طريقه ودينه وجملة افعاله على بينة { وكذبتم به } بالقرآن او بعلى (ع) { ما عندي ما تستعجلون به } قيل اشارة الى ما قبل فأمطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم عند نصب على (ع) بالخلافة { إن الحكم إلا لله } وليس لى حكم فيما تستعجلون به { يقص الحق } يفصل الولاية كيف ما يقتضيه الحكمة والحكم لما سبق ان الولاية هى الحق وان كل ما سواها فحق بحقيتها { وهو خير الفاصلين } بين الحق ومن اتصل به والباطل ومن اتصل به.

[6.58]

{ قل لو أن عندي ما تستعجلون به } من العذاب { لقضي الأمر بيني وبينكم } لرفع النزاع بينى وبينكم باهلاكى اياكم { والله أعلم بالظالمين } فيه معنى الاستدراك يعنى لكن الامر الى الله وهو اعلم بالظالمين، روى عنهم (ع) ان ورود الآيات فى الولاية.

[6.59]

Page inconnue