Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
واعلم ان العوالم باعتبار كلياتها سبعة ومراتب كل عالم عشرة ودرجات كل مرتبة عشرة الى مئة الى ما شاء الله وبسبب هذه الاعتبارات اختلف الاخبار فى تحديد العوالم وبطون الآيات بالسبعة والسبعين والسبعمائة الى سبعين الفا الى ما شاء الله، واذا لوحظ المراتب من البدء الاول الى آخر العوالم كان كل مرتبة بالنسبة الى سابقتها ليلة لقوة الظلمة الحاصلة من تنزلات الوجود وكثرة التعيتات، واذا لوحظت من المنتهى الى المبدء كان كل مرتبة بالنسبة الى سابقتها يوما لقوة النور وضعف الظلمة بالنسبة الى سابقتها، ولهذا ذكر اليوم فى الآيات والاخبار عند ذكر العروج والصعود والانتهاء والخروج، وذكر الليلة عند ذكر النزول، والمراد باليوم الآخر اما يوم حشر الخلائق للحساب، او يوم قيام كل صنف فى مقامهم الذى لا خروج لهم عنه.
{ وما هم بمؤمنين } كان المناسب لرد قولهم: { آمنا بالله واليوم الآخر } ان يقول تعالى شأنه: لم يؤمنوا بالله واليوم الآخر نفيا لما ادعوه من حصول الايمان فى الزمن الماضى لكنه عدل الى الاسمية مطلقة عن التقيد بالزمان والمتعلق اشعارا بنفى الايمان عنهم فطرة وتكليفا ماضيا ومستقبلا متعلقا بشيئ من الاشياء فانه كما ان اسمية الجملة تكون لتأكيد الايجاب تكون لتأكيد النفى، ونفى المطلق يكون لاطلاق النفى الا ان يقيد المطلق بالاطلاق فان النفى الوارد عليه حينئذ قد يكون لنفى الاطلاق.
[2.9]
{ يخادعون الله والذين آمنوا } الخداع والمخادعة والخدع بفتح الفاء وبكسرها مصادر، والخديعة اسم للمصدر والخدع ان تظهر الاحسان وتبطن الاساءة او تظهر الموافقة مع ابطان المخالفة، او تظهر الاعراض مع ابطان التعرض، والخداع مصدر خادع بمعنى خدع او للمشاركة او للمبالغة فانهم باظهارهم الايمان يظهرون الموافقة مع ابطانهم المخالفة والله تعالى بامهالهم فى الخديعة والانعام عليهم كأنه يريهم الاعراض والاحسان مع انه يخفى التعرض والاساءة والرسول والمؤمنون بمداراتهم معهم يظهرون الموافقة مع علمهم بالمخالفة منهم باطنا وابطانهم المخالفة وكأنهم يغالبون الله والرسول والمؤمنين فى الخديعة، و المراد بالله واجد الوجود او الرسول (ص) او على (ع) لان آلهيته تعالى شأنه ظهرت بهما { وما يخدعون } قرء يخدعون بالبناء للفاعل والمفعول ويخادعون كذلك ويخدعون من التفعيل ويخدعون من الافتعال { إلا أنفسهم } فانهم بمخادعة الرسول والمؤمنين يضرون بأنفسهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعا لأنهم ينزلون أنفسهم عن مقاماتهم الانسانية المقتضية للصدق والمحبة والانس الى الشيطانية المقتضية للكذب والبغض والتوحش ويقطعون عما يجب ان يوصل ويصلون الى ما يجب ان يقطع منه من الرسول والشيطان، والنفس تطلق على ذات الشيء وعلى النفس الانسانية التى هى النفس الحيوانية المستضيئة بنور العقل؛ ويجوز ارادتهما من الانفس هاهنا، وعلى النفس الحيوانية، وعلى النفس النباتية، وعلى الدم لمناسبة ما بين تلك الانفس والدم، وعلى مراتب النفس الانسانية من الأمارة واللوامة والمطمئنة، واما تفسيرها بالامام فى أمثال:
" من عرف نفسه فقد عرف ربه، وأعرفكم بنفسه أعرفكم بربه "
، واعرف نفسك تعرف ربك؛ فانما هو لكون الامام ذات كل شيئ ولا سيما ذات من بايع معه وقبل ولايته { وما يشعرون } ما يعلمون او يتفطنون او يحسون بالمدارك وكأنه اراد به احد المعنيين الاخيرين حتى يكون مع ما يأتى من قوله ولكن لا يعلمون تأسيسا، وكثيرا ما يستعمل الشعور فى الالتفات الى المدرك، والمقصود ان خداعهم لأنفسهم من كثرة ظهوره كأنه محسوس بالحواس الظاهرة، وعدم ادراكهم له مع ظهوره من عدم التفاتهم وشعورهم مثل من يقع ابصاره على المرئى لكن لشدة اشتغال النفس بامر آخر لا يشعر بادراكه ولم يأت هاهنا باداة الاستدراك كما أتى بها فيما بعد من قوله ولكن لا يشعرون وقوله { ولكن لا يعلمون } لانه تعالى جرى فى مخاطباته على طريقة المخاطبات الانسانية والاغلب ان المتكلم فى اول ذكر ذمائم المذموم لا يكون غضبه شديدا فلا يناسبه البسط والتأكيد والتغليظ ولذا لم يؤكد الكلام السابق عليه بخلاف ما يأتى، والمخاطب فى اول الكلام يكون خالى الذهن عن الرد والشك والقبول وعن توهم الخلاف والوفاق فلا يناسبه التأكيد واداة الاستدراك أيضا.
[2.10]
{ في قلوبهم مرض } مستأنفة جوابا عما ينبغى ان يسأل عنه من حالهم او من علة مخادعة الله او علة عدم الشعور او مستأنفة للدعاء عليهم او حال من فاعل الفعل الاول او الثانى او الثالث، والمرض علة فى الحيوان لا تلائم مزاجه الطبيعى واهل الحس خصصوه بما فى بدن الحيوان ولا اختصاص له به بل يعمه وما فى نفسه من الاعراض الغير الملائمة لمزاجها الالهى لان كل ما يخرج نفس الانسان عما هى عليه بحسب التكوين والتكليف فهو مرضها وقد مضى ان للقلب اطلاقات عديدة والمراد بالقلوب هنا اما القلوب الصنوبرية الجسمانية فانها لشدة غيظهم وحقنهم دمائها فى شدة الغليان او من شدة خوفهم دمائها فى عدم الغليان وكلاهما غير ملائم لمزاجها او القلوب المعنوية وامراضها بجملة الرذائل الشيطانية.
{ فزادهم الله مرضا } دعاء او اخبار، وازدياد مرضها بازدياد بعدها عن الخصائل وتمكنها فى الرذائل { ولهم عذاب } دعاء او اخبار { أليم } صيغة مبالغة من الم اذا وجع، وتوصيف العذاب بالاليم مجازا للمبالغة فى شدته كأن العذاب من شدته متعذب بنفسه، ويجوز ان يراد معنى المولم مثل ارادة المطهر من الطهور لان المبالغة فى مثله تقتضى التعدى الى الغير وهذا أبلغ من الاول لانه يفيد تألم العذاب بحيث يقتضى تألمه الم الغير بتألمه { بما كانوا } بكونهم او بشيئ او بالذى كانوا { يكذبون } قرئ بالتخفيف وبالتشديد من كذبه اذا نسبه الى الكذب او من كذب اللازم للمبالغة او التكثير والكذب كالصدق يستعمل كثيرا فى الاقوال لكن لا اختصاص له بها بل كل فعل او حال او خلق او شأن يصدر من الانسان يكون مطابقا لما يقتضيه حقيقة الانسانية فهو صدق، وكلما لم يكن كذلك فهو كذب.
[2.11]
Page inconnue