Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
.!؟ فقال لهم عبدالله: اتقوا الله فان رسول الله (ص) قد تقدم الينا ان لا نبرح فلم يقبلوا منه واقبلوا ينسل رجل فرجل حتى خلوا مراكزهم وبقى عبد الله بن جبير فى اثنى عشر رجلا وانحط خالد بن وليد على عبد الله بن جبير واصحابه فقتلهم على باب الشعب ثم أتى المسلمين فى ادبارهم ونظرت قريش فى هزيمتها الى الراية قد رفعت فلاذوا بها وانهزم اصحاب رسول الله (ص) هزيمة عظيمة واقبلوا يصعدون فى الجبال وفى كل وجه { ومن ينقلب } عن دينه { على عقبيه فلن يضر الله شيئا } بل يضر نفسه ويهلك حرثه ونسله { وسيجزي الله الشاكرين } يعنى ومن يثبت على دينه ويذهب على استقامة طريقه فهو شاكر ورابح وسيجزى الله الشاكرين وانما اقتصر على هذا لافادته اياه مع شيء زائد باخصر لفظ انما كان الثابت الذاهب مستقيما شاكرا لصرفه نعم الله التى هى مداركه وقواه وبدنه واعضاؤه وعلمه وشعوره فيما خلقت لاجله، ولحفظه حق المنعم وعظمته فى انعامه حين صرف نعمه فيما خلقت له، والمراد بالشاكرين هاهنا على (ع) ونفر يسير بقوا عند رسول الله (ص) حين انهزم المسلمون، روى عن الصادق (ع) انه لما انهزم المسلمون يوم احد عن النبى انصرف اليهم بوجهه وهو يقول:
" انا محمد انا رسول الله لم اقتل ولم امت، فالتفت اليه بعض الصحابة فقال: الان يسخر بنا ايضا وقد هزمنا وبقى معه على (ع) وابو دجانة رحمه الله فدعاه النبى (ص) فقال: يا ابا دجانة انصرف وانت فى حل من بيعتك فاما على (ع) فهو انا وانا هو فتحول وجلس بين يدى النبى وبكى وقال: لا والله ورفع رأسه الى السماء وقال: لا والله لا جعلت نفسى فى حل من بيعتى، انى بايعتك فالى من انصرف يا رسول الله (ص)؟! الى زوجة تموت؟ او ولد يموت؟ او دار تخرب؟ ومال يفنى؟ واجل قد اقترب؟ فرق له النبى فلم يزل يقاتل حتى قتل فجاء به على (ع) الى النبى (ص) فقال: يا رسول الله (ص) اوفيت ببيعتى؟ - قال: نعم، وقال له النبى (ص) خيرا وكان الناس يحملون على النبى (ص) الميمنة فيكشفهم على (ع) فاذا كشفهم اقبلت الميسرة الى النبى (ص) فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع فجاء الى النبى (ص) فطرحه بين يديه وقال: هذا سيفى قد تقطع فيومئذ اعطاه النبى (ص) ذا الفقار ولما رأى النبى (ص) اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه الى السماء وهو يبكى وقال: يا رب وعدتنى ان تظهر دينك وان شئت لم يعيك فأقبل على (ع) الى النبى (ص) فقال: يا رسول الله (ص) اسمع دويا شديدا واسمع اقدم يا حيزوم وما اهم اضرب احدا الا سقط ميتا قبل ان اضربه فقال: هذا جبرئيل وميكائيل واسرافيل والملائكة ثم جاء جبرئيل فوقف الى جنب رسول الله (ص) فقال: يا محمد (ص) ان هذا لهى المواساة فقال النبى (ص): ان عليا (ع) منى وانا منه فقال جبرئيل: وانا منكم "
(الى آخر الحديث) ونزل { وسيجزى الله الشاكرين } وهذا مضمون ما روى عن الصادق أيضا، وفى حديث عن النبى (ص)
" الا وان عليا (ع) هو الموصوف بالصبر والشكر ثم من بعده ولدى من صلبه "
، ويظهر من الاخبار ان الآية تعريض بما احدث المنافقون من بعده من رجوعهم من على (ع) وتركهم وصيته (ص) فى حقه فعن على (ع) فى حديث حتى اذا دعا الله نبيه ورفعه اليه لم يك ذلك بعده الا كلمحة من خفقة او وميض من برقة الى ان رجعوا على الاعقاب وانتكصوا على الادبار وطلبوا بالاوتار واظهروا الكتائب وردموا الباب وفلوا الديار وغيروا آثار رسول الله (ص) ورغبوا عن احكامه وبعدوا من انواره واستبدلوا بمستخلفه بديلا وعن الباقر (ع) انه قال كان الناس اهل ردة بعد رسول الله (ص) الا ثلاثة قيل ومن الثلاثة؟ - قال: المقداد وابو ذر وسلمان الفارسى ثم عرف اناس بعد يسير فقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا وابوا ان يبايعوا حتى جاءوا بامير المؤمنين مكرها فبايع وذلك قول الله { وما محمد إلا رسول } (الآية) وعن الصادق (ع) فى موت النبى (ص) وقتله انه قال: اتدرون مات النبى (ص) او قتل ان الله يقول: { افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم } (الى آخر الحديث).
[3.145]
{ وما كان لنفس أن تموت } كأن المراد بالموت هاهنا معنى اعم من القتل { إلا بإذن الله } اى باباحته وهذا تقوية لقلوب المؤمنين وتسلية لهم بانه ما اصابهم من القتل وما يصيبهم ما كان ولا يكون الا بعلمه وترخيصه لخروج الروح ولو لم يخرج ارواح المقتولين بالقتل لخرجت بالموت فما لهم يتوانون من الجهاد ويخافون من القتل ويتحسرون على القتلى { كتابا } حال من ان تموت فانه بتأويل الموت او مفعول مطلق لفعل محذوف { مؤجلا } مؤقتا لا يتخلف عن وقته بتأخير ان فرت وتقديم ان قاتلت { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها } تعريض بمن شغلته الدنيا ومنعه تعلقه بها عن القتال وبمن شغلته الغنائم يوم احد عن امتثال الامر كاصحاب عبد الله بن جبير وعن القتال كبعض الانصار وبمن فر عن القتال ذلك اليوم وترك الرسول (ص) { ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها } تعريض بمن ثبت على الامتثال كبعض اصحاب عبد الله بن جبير وبمن ثبت على القتال حتى قتل او نجا { وسنجزي الشاكرين } من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر او المراد بالشاكرين من بذل جهده فى سبيل الله وترك الدنيا والآخرة وراء ظهره امتثالا لامر الله واعلاء لكلمته وحماية لدينه كعلى (ع) فكأنه قال: ومن يرد وجه الله وطرح ثواب الدنيا والآخرة فهو شاكر { وسنجزى الشاكرين } ، نسب الى الباقر (ع) انه قال: اصاب عليا (ع) يوم احد ستون جراحة وان النبى (ص) امر ام سليم وام عطية ان تداوياه فقالتا: انا لا نعالج منه مكانا الا انفتق منه مكان وقد خفنا عليه ودخل رسول الله (ص) والمسلمون يعودونه وهو قرحة واحدة فجعل يمسحه بيده ويقول: ان رجلا لقى هذا فى الله فقد أبلى وأعذر، فكان القرح الذى يمسحه رسول الله (ص) يلتئم فقال على (ع): الحمدلله اذ لم افر ولم اول الدبر فشكر الله له ذلك فى موضعين من القرآن وهو قوله { وسيجزى الله الشاكرين } { وسنجزى الشاكرين }.
[3.146]
{ وكأين من نبي قاتل } قرئ قتل مبنيا للمفعول، وقاتل من باب المفاعلة وهو خبر كاين او صفة نبى ومرفوعه اما ضمير نبى وحينئذ فقوله { معه ربيون } مبتدأ مكتف بمرفوعه ومرفوع مغن عن الخبر، او مبتدء مؤخر وخبر مقدم والجملة حال او صفة بعد صفة او خبر بعد خبر او خبر ابتداء و { كثير } صفة بعد صفة او خبر بعد خبر او خبر ابتداء وعلى بعض الوجوه الذى لا يبقى معه خبر لكاين يكون الخبر محذوفا او مرفوع قاتل ربيون وحينئذ يكون معه متعلقا بقاتل والجملة صفة او خبر وكثير صفة بعد صفة ويكون حينئذ خبر كأين محذوفا او خبر بعد خبر او خبر ابتداء والربيون منسوب الى الرب وكسر الراء من تغييرات النسب وقد قرئ بفتح الراء على الاصل وبضم الراء مثل الكسر مغيرا عن هيئته او هو جمع الربى منسوب الربة بالكسر بمعنى الجماعة الكثيرة، او بمعنى عشرة الاف، وبهذا المعنى قد يضم الربة وفسر فى الخبر بعشرة آلاف، وهذا أيضا تقوية للمؤمنين وتسلية لهم وتعريض بفشلهم عند الارجاف بقتل النبى (ص) فى احد { فما وهنوا } اى ما فتروا فى رأيهم عن القتال وعن القيام بأمر دينهم { لمآ أصابهم } من قتل النبى (ص) او قتل بعضهم ومن الجرح والنهب { في سبيل الله } ظرف لاصابهم او متنازع فيه لقاتل ووهنوا واصابهم { وما ضعفوا } فى ابدانهم او المراد بالوهن الضعف فى الابدان وبالضعف الوهن فى الرأى { وما استكانوا } ما تذللوا افتعل من المسكنة بمعنى الذلة اشبع فتحة الكاف او استفعل من كان له بمعنى انقاد له وهو تعريض بما قالوا عندما ارجف بقتل النبى (ص): اذهبوا بنا الى عبد الله بن أبى ليأخذ الامان لنا من أبى سفيان يعنى انهم ما وهنوا كما وهنتم وانهزمتم وما تذللوا عند العدو كما أردتم التذلل وصبروا على القتال { والله يحب الصابرين } تعريض ببغضهم لاجل الفرار وعدم الثبات واكتفى عن قوله وصبروا بقوله { والله يحب الصابرين } لافادة سابقه اياه واستفادته منه مع شيء زائد هو اثبات محبته لهم والتعريض ببغضه للفارين عن القتال.
[3.147]
Page inconnue