Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
{ ويكلم الناس في المهد } هو ما يمهد لمضجع الصبى { وكهلا } يعنى يكلم الناس فى طفولية كما تكلم حين الشهادة لنفسه ولأمه بالطهارة عن السفاح بقوله
إني عبد الله آتاني الكتاب
[مريم: 30] او يكلم الناس فى طفوليته بالرسالة والمحاجة عليها فانه بعث فى ابن خمس او ابن سبع وفى زمان بلوغه مبلغ الكمال لا الكهولة العرفية على ما قيل انه رفع فى شبابه وقيل: ان المراد بتكلمه كهلا تكلمه حين نزوله من السماء { ومن الصالحين قالت } مثل زكريا (ع) مستغربة بحسب الاسباب الطبيعية { رب أنى } كيف { يكون لي ولد ولم يمسسني بشر } ويجوز ان يكون استفهاما وسؤالا لتعلم ان الولد يكون بلا زوج او يكون بعد تزوجها { قال كذلك } الولد من غير مسيس البشر { الله يخلق ما يشآء إذا قضى أمرا } استئناف جواب سؤال مقدر عن كيفية خلقه ما يشاء { فإنما يقول له كن فيكون } من غير اسباب كما جرى سنته بان يخلق الاشياء الطبيعية تدريجا بالاسباب.
[3.48-49]
{ ويعلمه } قرئ بالنون وبياء الغيبة وهو عطف على يخلق او على الله يخلق او على كذلك الله يخلق ما يشاء، ويجوز ان يكون عطفا على ما قبل قوله تعالى: { قالت رب أنى يكون لي ولد } ويكون هذا القول معترضا حتى يكون تعليمه الكتاب مما بشرت به والمعنى { ان الله يبشرك بكلمة } يعلمه { الكتاب } قد مضى تحقيق الكتاب فى اول الكتاب ويجوز ان يراد به الكتابة هنا فانه قيل ان الله أعطى عيسى (ع) تسعة اجزاء من الخط وسائر الناس جزءا واحدا { والحكمة } آثار الولاية { والتوراة والإنجيل } خص الكتابين لشرفهما بالنسبة الى سائر الكتب السالفة { ورسولا } عطف على يعلمه الكتاب على ان يكون هو عطفا على ما قبل { قالت رب انى يكون لى ولد } او عطف عليه بتقدير يرسله او يكلم رسولا { إلى بني إسرائيل } خص بنى اسرائيل لانه كان رسولا اليهم، او لانهم كانوا اشرف المرسل اليهم، او لان المراد ببنى اسرائيل من لم ينقطع نسبته الفطرية الى الانبياء فانهم المنتفعون بهم والمرسل اليهم حقيقة { أني قد جئتكم } بانى قد جئتكم على تقدير التكلم والنطق قبل رسولا او تضمين رسولا معنى النطق { بآية من ربكم } حجة لا تشكون انها ليست من قوة البشر على صحة نبوتى { أني أخلق } بدل من آية من ربكم او بدل من انى قد جئتكم او خبر مبتدأ محذوف اى هى انى اخلق { لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه } اى فى هذا الطين او فى المخلوق من الطين او مماثل هيئة الطير على ان يكون الكاف اسما { فيكون طيرا } اى حيا ذا لحم وعظم وجناح وطيران ولما كان صيرورة الطين لحما وعظما وجناحا وذا حياة مما يخرج من قدرة البشر قيده بقوله تعالى { بإذن الله } لئلا يتوهم متوهم ما توهمه النصارى فى حقه والمعروف انه الخفاش المعروف { وأبرىء الأكمه } الاعمى او الذى ولد اعمى او الممسوح العين { والأبرص وأحي الموتى بإذن الله } تكرار باذن الله للاهتمام بدفع ذلك التوهم، ولما كان الغالب فى زمان عيسى (ع) آية من نسخ ما كان معتبرا عندهم خارجة عن قدرة البشر حتى يعترفوا بعد ما عرفوا بحذاقتهم انها خارجة عن قدرتهم بأنها من الله { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } يعنى اخبركم بأحوالكم التى هى معلومة لكم وغائبة عنى حتى تعلموا انى اعلم المغيبات { إن في ذلك } المذكور من خلق الطير من الطين الى قوله { وما تدخرون } او فى ذلك الانباء { لآية } عظيمة { لكم إن كنتم مؤمنين } اى ان كان سجيتكم الاذعان والتصديق بما يذعن به او { إن كنتم مؤمنين } بالانبياء السلف، نسب الى الباقر (ع) انه قال: ان عيسى (ع) كان يقول لبنى اسرائيل: انى رسول الله اليكم و { أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص } ، والاكمه هو الاعمى قالوا: ما نرى الذى تصنع الا سحرا فأرنا آية نعلم انك صادق قال: أرأيتكم ان اخبرتكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم يقول ما أكلتم فى بيوتكم قبل ان تخرجوا وما ادخرتم بالليل تعلمون انى صادق؟ - قالوا: نعم وكان يقول: انت اكلت كذا وكذا، وشربت كذا وكذا، ورفعت كذا وكذا، فمنهم من يقبل منه فيؤمن، ومنهم من يكفر، وكان لهم فى ذلك آية ان كانوا مؤمنين.
[3.50]
{ ومصدقا } عطف على رسولا او على قد جئتكم بتقدير جئت او عطف على اخلق بتقدير كنت او جئت بان جعل تصديقه للتوراة آية صدقة والمعنى انى قد جئتكم بآية من ربكم انى كنت مصدقا { لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم } عطف على مصدقا باعتبار المعنى فان المقصود منه التعليل او عطف على جئت مصدقا بتقدير جئت او عطف على قد جئت بآية من ربكم بتقدير جئت لاحل لكم { بعض الذي حرم عليكم } ببغيكم مثل كل ذى ظفر وشحوم البقر والغنم وبعض الاعمال فى يوم السبت وغير ذلك، نسب الى الصادق (ع) انه قال كان بين داود (ع) وعيسى بن مريم (ع) اربعمائة وكانت شريعة عيسى (ع) انه بعث بالتوحيد والاخلاص وبما اوصى به نوح (ع) وابراهيم (ع) وموسى (ع) وأنزل عليه الانجيل وأخذ عليه الميثاق الذى أخذ على النبيين وشرع له فى الكتاب اقام الصلاة مع الدين والامر بالمعروف والنهى عن المنكر وتحريم الحرام وتحليل الحلال وانزل عليه فى الانجيل مواعظ وامثال وحدود وليس فيها قصاص ولا احكام حدود ولا فرض مواريث وأنزل عليه تخفيف ما كان على موسى فى التوراة وهو قول الله عز وجل فى الذى قال عيسى بن مريم (ع) لبنى اسرائيل { ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } وامر عيسى (ع) من معه ممن اتبعه من المؤمنين ان يؤمنوا بشريعة التوراة والانجيل { وجئتكم بآية من ربكم } لما كان احلال المحرمات فى شريعة ثابتة مصدقة محلا للانكار وموهما لكذب المحلل واراد ان يأمر بطاعته بعد ما اتى بما هو موهم لكذبه كرر قوله { جئتكم بآية من ربكم } ليكونوا على ذكر من معجزاته فلا ينكروه ولا ينكروا امره { فاتقوا الله } يعنى اذا كنت جئتكم بآية من ربكم دالة على رسالتى منه فاتقوا سخطه فى مخالفتى { وأطيعون } فيما أدعوكم اليه وفيما أمرتكم به ونهيتكم عنه.
تحقيق كون الانسان فطرى التعلق واقتضاء ذلك الإتمام بامر
اعلم ان اللطيفة السيارة الانسانية خلقت مفطورة التعلق بمعنى ان التعلق ذاتى لها لا انه عرضى لها كسائر الاعراض بل نقول: ذاتها ليست الا التعلق وكلما كان سواها فهو ليس ذاتا ولا ذاتيا لها بل هو عرضى مانع لها من ظهورها بذاتها وعائق لها عن قربها من اصلها وكمالها بطرح ما سوى التعلق وظهور التعلق بدون قيد من القيود ولذلك قال تعالى حين تمامية كمال محمد (ص) وكمال قربه من مبدئه
دنا فتدلى
Page inconnue