Le Tafsir de l'Océan
البحر المحيط في التفسير
Chercheur
صدقي محمد جميل
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
١٤٢٠ هـ
Lieu d'édition
بيروت
يُثْبَتُ لَهَا مَعْنًى إِلَّا بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ. وَأَمْعَنْتُ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَقَعُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ لِمَا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ.
الْقَوْلُ: هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى وَيَنْطَلِقُ عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى النِّسْبَةِ الْإِسْنَادِيَّةِ، وَهُوَ الْكَلَامُ وَعَلَى الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ، وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ «١»، وَتَرَاكِيبُهُ السِّتُّ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْخِفَّةِ وَالسُّرْعَةِ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ وَقَعَتْ جُمْلَةٌ مَحْكِيَّةٌ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ، وَلِلْقَوْلِ فَصْلٌ مَعْقُودٌ فِي النَّحْوِ. الْخِدَاعُ: قِيلَ إِظْهَارُ غَيْرِ مَا فِي النَّفْسِ، وَأَصْلُهُ الْإِخْفَاءُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْبَيْتُ الْمُفْرَدُ فِي الْمَنْزِلِ مَخْدَعًا لِتَسَتُّرِ أَهْلَ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ فِيهِ، وَمِنْهُ الْأَخْدَعَانِ: وَهُمَا الْعِرْقَانِ الْمُسْتَبْطِنَانِ فِي الْعُنُقِ، وَسُمِّيَ الدَّهْرُ خَادِعًا لِمَا يُخْفِي مِنْ غَوَائِلِهِ، وَقِيلَ الْخَدْعُ أَنْ يُوهِمَ صَاحِبَهُ خِلَافَ مَا يُرِيدُ بِهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ:
ضَبٌّ خَادِعٌ وَخَدِعٌ إِذَا أَمَرَّ الْحَارِثُ، وَهُوَ صَائِدُ الضَّبِّ، يده على باب حجره أَوْهَمَهُ إِقْبَالَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَابٍ آخَرَ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ أَصْلُهُ الْفَسَادُ، مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أبيض اللون لذيذ طَعْمُهُ ... طَيِّبَ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ
أَيْ فَسَدَ. إِلَّا: حَرْفٌ، وَهُوَ أَصْلٌ لِذَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ مَا بَعْدَهُ وَصْفًا، وَشَرْطُ الْوَصْفِ بِهِ جَوَازُ صَلَاحِيَةِ الْمَوْضِعِ لِلِاسْتِثْنَاءِ. وَأَحْكَامُ إِلَّا مُسْتَوْفَاةٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. النَّفْسُ:
الدَّمُ، أَوِ النَّفْسُ: الْمُودَعُ فِي الْهَيْكَلِ الْقَائِمُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَالنَّفْسُ: الْخَاطِرُ، مَا يَدْرِي أَيُّ نَفْسَيْهِ يُطِيعُ، وَهَلِ النَّفْسُ الرُّوحُ أَمْ هِيَ غَيْرُهُ؟ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ. وَفِي حَقِيقَةِ النفس خلاف كثير ومجمع عَلَى أَنْفُسٍ وَنُفُوسٍ، وَهُمَا قِيَاسُ فَعْلٍ الِاسْمِ الصَّحِيحِ العين في جميعه الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. الشُّعُورُ:
إِدْرَاكُ الشَّيْءِ مِنْ وَجْهٍ يَدِقُّ مُشْتَقٌّ مِنَ الشِّعْرِ، وَالْإِدْرَاكُ بِالْحَاسَّةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الشِّعَارِ، وهو ثوب بلى الْجَسَدَ وَمَشَاعِرُ الْإِنْسَانِ حَوَاسُّهُ.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ، الْمَرَضُ: مَصْدَرُ مَرِضَ، وَيُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الضَّعْفِ وَالْفُتُورِ، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ يُمْرِضُ الْحَدِيثَ أَيْ يُفْسِدُهُ وَيُضْعِفُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَرَضُ فِي الْقَلْبِ: الْفُتُورُ عَنِ الْحَقِّ، وَفِي الْبَدَنِ: فُتُورُ الْأَعْضَاءِ، وَفِي الْعَيْنِ: فُتُورُ النَّظَرِ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الظُّلْمَةُ، قَالَ:
فِي لَيْلَةٍ مَرِضَتْ مِنْ كُلِّ ناحية ... فما يحس به نجم ولا قمر
(١) سورة المجادلة: ٥٨/ ٨.
1 / 86