189

Le Tafsir de l'Océan

البحر المحيط في التفسير

Enquêteur

صدقي محمد جميل

Maison d'édition

دار الفكر

Édition

١٤٢٠ هـ

Lieu d'édition

بيروت

وَالضَّرْبُ: إِمْسَاسُ جِسْمٍ بِجِسْمٍ بِعُنْفٍ وَيُكَنَّى بِهِ عَنِ السَّفَرِ فِي الْأَرْضِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الصُّنْعِ وَالِاعْتِمَالِ.
وَرُوِيَ اضطرب رسول الله ﷺ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ.
وَالْبَعُوضَةُ: وَاحِدُ الْبَعُوضِ، وَهِيَ طَائِرٌ صَغِيرٌ جِدًّا مَعْرُوفٌ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ عَلَى فُعُولٍ كَالْقُطُوعِ فَغُلِّبَتْ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْبَعْضِ بِمَعْنَى الْقَطْعِ. أَمَّا: حَرْفٌ، وَفِيهِ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَبَعْضُهُمْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِحَرْفِ تَفْصِيلٍ، وَبَعْضُهُمْ بِحَرْفِ إِخْبَارٍ، وَأَبْدَلَ بَنُو تَمِيمٍ الْمِيمَ الْأُولَى يَاءً فَقَالُوا: أَيَّمَا. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِ أَمَّا: أَنَّ الْمَعْنَى مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَزَيْدٌ ذَاهِبٌ، وَالَّذِي يَلِيهَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَتَلْزَمُ الْفَاءُ فِيمَا وَلِيَ الْجَزَاءُ الَّذِي وَلِيَهَا، إِلَّا إِنْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ دُعَاءً فَالْفَاءُ فِيمَا يَلِيهَا وَلَا يُفْصَلُ بِغَيْرِهَا مِنَ الْجُمَلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَاءِ، وَإِذَا فُصِلَ بِهَا فَلَا بُدَّ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمْلَةِ بِمَعْمُولٍ يَلِي أَمَّا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَمَّا وَبَيْنَ الْفَاءِ بِمَعْمُولِ خَبَرِ أَنَّ وِفَاقًا لِسِيبَوَيْهِ وَأَبِي عُثْمَانَ، وَخِلَافًا لِلْمُبَرِّدِ وَابْنِ دَرَسْتَوَيْهِ، وَلَا بِمَعْمُولِ خَبَرِ لَيْتَ وَلَعَلَّ خِلَافًا لِلْفَرَّاءِ. وَمَسْأَلَةُ أَمَّا عِلْمًا، فَعَالِمٌ يَلْزَمُ أَهْلُ الْحِجَازِ فِيهِ النَّصْبَ وَتَخْتَارُهُ تَمِيمٌ، وَتَوْجِيهُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَذْكُورٌ فِي النَّحْوِ. الْحَقُّ: الثَّابِتُ الَّذِي لَا يَسُوغُ إِنْكَارُهُ. حَقَّ الْأَمْرُ ثَبَتَ وَوَجَبَ وَمِنْهُ: حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ «١»، وَالْبَاطِلُ مُقَابِلُهُ، وَهُوَ الْمُضْمَحِلُّ الزَّائِلُ، مَاذَا: الْأَصْلُ فِي ذَا أَنَّهَا اسْمُ إِشَارَةٍ، فَمَتَى أُرِيدَ مَوْضُوعُهَا الْأَصْلِيُّ كَانَتْ مَاذَا جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَتَكُونُ مَا اسْتِفْهَامِيَّةً فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَذَا خَبَرُهُ. وَقَدِ اسْتَعْمَلَتِ الْعَرَبُ مَاذَا ثَلَاثَةَ اسْتِعْمَالَاتٍ غَيْرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامًا وَذَا مَوْصُولًا بِدَلِيلِ وقوع الاسم جوابا لها مَرْفُوعًا فِي الْفَصِيحِ، وَبِدَلِيلِ رَفْعِ الْبَدَلِ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَا تَسْأَلَانِ الْمَرْءَ مَاذَا يُحَاوِلُ ... أَنُحِبُّ فَيُقْضَى أَمْ ضَلَالٌ وَبَاطِلُ
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مَاذَا كُلُّهَا اسْتِفْهَامًا، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي يَقُولُ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ فِيهِ: إِنَّ ذَا لَغْوٌ وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الزِّيَادَةَ بَلِ الْمَعْنَى أَنَّهَا رُكِّبَتْ مَعَ مَا وَصَارَتْ كُلُّهَا اسْتِفْهَامًا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ وقوع الاسم جوابا لها مَنْصُوبًا فِي الْفَصِيحِ، وَقَوْلُ الْعَرَبِ: عَمَّاذَا تَسْأَلُ بِإِثْبَاتِ أَلِفِ مَا، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَا خُزْرَ تَغْلِبَ مَاذَا بَالُ نِسْوَتِكُمْ ... لَا يَسْتَفِقْنَ إلى الديرين تحتانا

(١) سورة يونس: ١٠/ ٣٣، وسورة غافر: ٤٠/ ٦.

1 / 192