Le Tafsir des Versets Juridiques
تفسير آيات الأحكام
Genres
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: أخبر المولى جل وعلا عما سيقوله السفهاء من اليهود قبل تحويل القبلة، والإخبار فيه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على صدق ما جاء به، لأنه إخبار عن أمر مغيب، كما فيه الجواب القاطع لحجة الخصم العنيد.
قال الزمخشري في " الكشاف ": " فإن قلت: أي فائدة في الإخبار بقولهم قبل وقوعه؟ قلت: فائدته أن مفاجأة المكروه أشد، والعلم به قبل وقوعه أبعد من الاضطراب إذا وقع، لما يتقدمه من توطين النفس، وأن الجواب العتيد قبل الحاجة إليه أقطع للخصم، وأرد لشغبه، وقبل الرمي يراش السهم ".
اللطيفة الثانية: رد القرآن بالحجة الدامغة على السفهاء (اليهود، والمشركين، والمنافقين) في قوله جل وعلا: { قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم } وتقريره أن الجهات كلها لله تعالى، لا فضل لجهة منها بذاته على جهة، ولا يستحق شيء منها لذاته أن يكون قبلة، بل إنما تصير قبلة لأن الله تعالى خصها بذلك، فلا اعتراض عليه بالتحويل من جهة إلى جهة، وأن العبرة بالتوجه إليه سبحانه بالقلوب، واتباع أمره في توجه الوجوه.
فكيف يعترضون عليك يا محمد؟ لا شك أنهم أغبياء الأفهام، سفهاء الأحلام.
اللطيفة الثالثة: التعبير بقوله تعالى: { أمة وسطا } فيه لطيفة، وهي أن خير الأمور أوساطها، فالزيادة على المطلوب في الأمر إفراط، والنقص عنه تفريط وتقصير، وكل من الإفراط والتفريط ميل عن الجادة القويمة، فهو شر ومذموم، فالخيار هو الوسط بين طرفي الأمر، أي التوسط بينهما.
وذكر ابن جرير الطبري: " أنه من التوسط في الدين، فإن المسلمين لم يقصروا في دينهم كاليهود، الذين قتلوا الأنبياء، وبدلوا كتاب الله، ولم يضلوا كالنصارى الذين زعموا أن عيسى ابن الله، وغلوا في الترهب غلوا كبيرا، ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها ".
اللطيفة الرابعة: في شهادة هذه الأمة على الأمم يوم القيامة أكبر دليل على فضل هذه الأمة المحمدية، وقد روي أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء، فيطالب الله الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا - وهو أعلم - فيؤتى بأمة محمد فيشهدون، فتقول الأمم: كيف تشهدون علينا ولم تدركونا؟ فيقولون: نشهد بإخبار الله عز وجل الناطق، على لسان نبيه الصادق بأنه قد بلغكم، فيؤتى بمحمد صلى الله عليه وسلم فيزكيهم ويشهد بعدالتهم.
أخرج البخاري في " صحيحه ": عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" " يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ "
Page inconnue