وأحد من السيف. فمنهم من يمر عليه مثل البرق، ومنهم من يمر عليه مثل عدو الفرس، ومنهم من يمر عليه ماشيا، ومنهم من يمر عليه حبوا (1)، ومنهم من يمر عليه متعلقا، فتأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا " (2). وفي رواية: " إنه مظلم، يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم " (3).
أقول: مآل الكل واحد، لان الصراط المستقيم ما إذا سلكه العبد أوصله إلى الجنة، وهو ما يشتمل عليه الشرع، كما قال الله تعالى: " وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم " (4).
وهو صراط التوحيد والمعرفة، والتوسط بين الأضداد في الأخلاق، والتزام صوالح الأعمال.
وبالجملة: صورة الهدى الذي أنشأه المؤمن لنفسه ما دام في دار الدنيا مقتديا فيه بهدى إمامه، ينتقل فيه من معرفة إلى معرفة أخرى فوقها، ومن خلق محمود إلى أحمد، ومن عمل صالح إلى أصلح، حتى يلتحق بأهل الجنة. وهو أدق من الشعر وأحد من السيف في المعنى، مظلم لا يهتدي إليه إلا من جعل الله له نورا يمشي به في الناس، يسعى الناس عليها على قدر أنوارهم في المعرفة. وورد: " إن الصورة الانسانية هي الطريق المستقيم إلى كل خير، والجسر الممدود بين الجنة والنار " (5).
ويتبين من هذا كله أن الصراط والمار عليه شئ واحد، في كل خطوة يضع قدمه على رأسه، أعني يعمل على مقتضى نور معرفته التي هي بمنزلة رأسه، بل ويضع رأسه على قدمه، أي: يبني معرفته على نتيجة عمله الذي كان بناؤه على المعرفة السابقة، حتى يقطع المنازل ويصل إلى الجنة، وإلى الله المصير.
Page 8