" الحق من ربهم " أراد به الحق وإبانته، والكشف عنه وإيضاحه " (1). (وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا): أي شئ أراد به من جهة المثل (يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا). قال: " يعني: يقول الذين كفروا: إن الله يضل بهذا المثل كثيرا ويهدي به كثيرا، أي: لا معنى للمثل. لأنه وإن نفع به من يهديه فهو يضر به من يضل به، فرد الله عليهم بقوله " (2): (وما يضل به إلا الفاسقين) قال: " الخارجين عن دين الله، الجانين على أنفسهم بترك تأمله وبوضعه على خلاف ما أمر الله بوضعه عليه " (3). وقيل: بل قوله: " يضل به كثيرا " جواب " ماذا " أي: إضلال كثير بسبب إنكاره، وهداية كثير بسبب قبوله (4).
(الذين ينقضون عهد الله) قال: " المأخوذ عليهم لله بالربوبية، ولمحمد بالنبوة، ولعلي بالإمامة، ولشيعتهما بالمحبة والكرامة " (5). (من بعد ميثاقه) قال: " إحكامه وتغليظه " (6). (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) قال: " من الأرحام والقرابات أن يتعاهدوهم ويقضوا حقوقهم. وأفضل رحم وأوجبهم حقا رحم محمد، فإن حقهم بمحمد، كما أن حق قرابات الانسان بأبيه وأمه، ومحمد أعظم حقا من أبويه، وكذلك حق رحمه أعظم، وقطيعته أفظع وأفضح " (7).
أقول: ويدخل في الآية التفريق بين الأنبياء والكتب في التصديق، وترك موالاة المؤمنين، وترك الجمعة والجماعات المفروضة، وسائر ما فيه رفض خير أو تعاطي شر، فإنه يقطع الوصلة بين الله وبين العبد، التي هي المقصودة بالذات من كل وصل وفصل.
(ويفسدون في الأرض) " بسبب قطع ما في وصله نظام العالم وصلاحه ". كذا
Page 23