Tafsir al-Uthaymin: Ghafir
تفسير العثيمين: غافر
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٧ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
يَعنِي أن الإنسان إذا تَكَرَّر منه الذَّنْب وهو يَستَغفِر يُغفَر له؟
فالجَوابُ: نعَمْ، مَهْما أَذنَب ثُم استَغْفَر يُغفَر له.
لكن لو قال قائِل: إن ظاهِر الحديث: "فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ" يَعنِي: فلْيَعْصِ الله!
قُلنا: لا يَستَقيم هذا؛ لأنه يُخالِف الأدِلَّة الكثيرة الدالَّة على أنه لا بُدَّ لكل ذَنْب من تَوْبة إلَّا طائِفة واحِدة من هذه الأُمَّةِ، همُ الذين لا يَحتاجون إلى تَوْبة من الذنب، وهم أهل بَدْر، فإنَّ الله اطَّلَع إليهم وقال: "اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ كَفَرْتُ لَكُمْ" (^١).
فهَؤلاءِ القَومُ ثلاثُ مِئة وبِضعةَ عشَرَ رجُلًا، وهُمْ أَهْل بَدْر اطَّلَع الله عليهم فكافَأَهم مُكافَأَة لم تَحصُل لغَيْرهم، اطَّلَع عليهم فقال: "اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"، هذه الحَسَنةُ العَظيمة مَحَت جميع ما يَعمَلونه من السَّيِّئات، ونفَعَت هذه الغَزوةُ لمَنْ غَزا، حتى حاطِب ﵁ الذي كتَب بأَخْبار النَّبيِّ ﷺ إلى قُرَيْش قُبَيْل غَزوة الفَتْح لمَّا عُثِر على ما صنَع، قال عمرُ ﵁ للرسول ﷺ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَدْ نَافَقَ. فعُمرُ ﵁ شُجاع ليس عنده إلَّا السَّيْف، قال: "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الله اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ" (^٢) فوقَعَت هذه السَّيِّئةُ العَظيمة من جُمْلة ما يُغفَر لأهل بَدْر؛ ولهذا كان أهل بَدْر أفضَلَ من أهل بَيْعة الرُّضوان، أفضَلُ لما حصَل فيه من النُّصْرة العَظيمة للنَّبيِّ ﷺ؛ ولهذا يُسمَّى يومُ بَدْر يومَ الفُرقان. قال: فأَهْل بَدْر.
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد، باب الجاسوس، رقم (٣٠٠٧)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر ﵃، رقم (٢٤٩٤)، من حديث علي بن أبي طالب ﵁. (^٢) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد، باب الجاسوس، رقم (٣٠٠٧)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر ﵃، رقم (٢٤٩٤)، من حديث علي بن أبي طالب ﵁.
1 / 58