الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّهم في ذلك اليومِ تَبيَّن لهم الحَقُّ، وصِحَّة القِياس؛ لأنهم قالوا: ﴿أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾، فالمِيتة الأُولى قبلَ أن تُنفَخ فيهم الرُّوحُ قد أقَرُّوا بها، والحياة الدُّنيا قد أَقَرُّوا بها في الدنيا وهم أَحياءٌ، لكن أَنكَروا البَعْث بعد الموت، وأمَّا الآنَ فقالوا: نعَمِ البَعْث بعد الموت كنَفْخ الرُّوح في الجنين. يَعنِي: أنا تَيَقَّنا الآنَ أن ما ذكَرَه الة ﷿ من قياس الإعادة على الابتِداء أَمْر حَقيقيٌّ، وأننا أُحْيينا مَرَّتين وأُمِتْنا مرَّتين.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: شِدَّة حَسْرة هؤلاءِ على ما فعَلوا، وتَمنِّيهم الخُروج ممَّا وقَعوا فيه من العَذاب؛ بقولهم: ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾.
وفي هذه الآيةِ إعرابٌ مُشكِل، وهو أن قوله: ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ جُمْلة خلَتْ من أحَد الرُّكْنين فيها وهو المُبتَدَأ؛ لأن الذي أمامَنا الآنَ جارٌّ ومَجرورٌ في الخبَر، وفيما هو مَحَلٍّ للمُبتَدَأ.
إِذَنِ: المُبتَدَأ ﴿سَبِيلٍ﴾ دخَلَت عليه حرف (مِن) الزائِدة إعرابًا، ولهذا نَقول في إعرابها: (مِن) حَرْف جرٍّ زائِدٌ، و﴿سَبِيلٍ﴾ هو مُبتَدَأ مَرفوع بضَمَّة مُقدَّرة على آخِرِه، منَع من ظُهورها اشتِغال المَحلِّ بحرَكة حَرْف الجَرِّ الزائِد.
* * *