Tafsir Al-Uthaymeen: Ya-Sin
تفسير العثيمين: يس
Maison d'édition
دار الثريا للنشر
Genres
الوجهين في الآية.
الوجه الثاني: يخشى الله بالغيب، أي: يخشى الله في حال الغيبة عن الناس، يخشى الله في قلبه في عمل غائب لا يغفل، فيكون بالغيب حالًا من الخاشي، يعني أن هذا الإنسان الذي أنذرته وانتفع بإنذارك هو الذي اتبع الذكر وخشي الله بالغيب حال كونه غائبًا عن الناس، خشي الله بالغيب أي بالعمل الغائب، وهذه هي الخشية الحقيقية؛ لأن خشية الله تعالى في العلانية قد يكون سببها مراءاة الناس، ويكون في هذه الخشية شيء من الشرك؛ لأنه يرائي بها، ولكن إذا كان يخشى الله في مكان لا يطلع عليه إلا الله فهذا هو الخاشي حقيقة، وكم من إنسان عند الناس لا يفعل المعاصي ولكن فيما بينه وبين نفسه يتهاون بها. فهذا خشي الناس في الحقيقة ولم يخش الله ﷿، لأن الذي يخشى الله لابد أن يقوم بقلبه تعظيم الله ﷾ سواء بحضرة الناس، أو بغيبة الناس، أيضًا يخشى الله بالغيب أي بما غاب عن الأبصار نظرًا، وعن الأذان سمعًا، وهو خشية القلب، وخشية القلب إعظم ملاحظة من خشية الجوارح. لأن الذي يخشى الله بقلبه يكون مراقبًا لله ﷿ ولحقه أكثر، فيجب أن تراقب خشية القلب أكثر مما تراقب خشية الجوارح، إذ خشية الجوارح بإمكان كل إنسان أن يقوم بها حتى في بيته، فكل إنسان يستطيع أن يقوم يصلي ولا يتحرك، ينظر إلى موضع سجوده، يرفع يديه في موضع الرفع، يعني يستقيم استقامة تامة في ظاهر الصلاة، لكن القلب غافل. أما خشية القلب فهي الأصل، وهي التي يجب أن يراقبها الإنسان
1 / 36