229

Tafsir Al-Uthaymeen: Ya-Sin

تفسير العثيمين: يس

Maison d'édition

دار الثريا للنشر

Genres

والجلود بما مست، فإن الجلد يمس المحرمات كمس المرأة لشهوة مثلًا فتشهد عليهم الجوارح؛ ولهذا قال ﷿: ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ﴾ نفس اليد تتكلم تقول: عملت كذا، عملت كذا، ﴿وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ﴾ نفس الأرجل تقول: أشهد أنه عمل كذا وكذا، وتأمل الفرق بين اليد والرجل، في اليد قال الله تعالى: ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ﴾ والأرجل قال: ﴿وَتَشْهَدُ﴾ قال بعض العلماء: لأن اليد تخبر عما فعلت، والرجل تخبر عما فعل غيرها؛ لأن الأصل في المباشرة اليد، ولهذا دائمًا يعلق الكسب باليد فيقال: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ (^١) أو ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ (^٢) فلهذا كانت الأيدي مباشرة، والأرجل شاهدة؛ لأن الشاهد هو الذي يخبر عما فعل غيره، والفاعل هو الذي يخبر عما فعله هو بنفسه -هكذا قال بعض أهل العلم- وهو فرق لا بأس به، مع أن الإنسان قد يشهد على نفسه كقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ (^٣) فإقرار الإنسان على نفسه شهادة عليه، لكن الفرق الذي أشار إليه بعض العلماء وذكرناه آنفًا فرق لا بأس به، قول المؤلف: [وتشهد أرجلهم وغيرها] قوله: (وغيرها) لا يعني ذلك أنه يستدرك على القرآن، لكنه ينبه على موضع آخر من القرآن، ففي آية أخرى بين الله تعالى أنه تشهد عليهم الجلود ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ

(^١) سورة الشورى، الآية: ٣٠. (^٢) سورة الروم، الآية: ٤١. (^٣) سورة النساء، الآية: ١٣٥.

1 / 230